الأحد ديسمبر 22, 2024

#42  3-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

نكمل معكم قصةَ رَضاعَةِ ونشأَةِ موسى عليه السلام. عاشَ المولودُ موسى في دارِ فرعونَ عند زوجتِه ءاسية التي أحبَّتْه حبًا شديدًا وأخذَت تعطِفُ عليه معَ فرعون لما شاهدا فيه من جَمالٍ وهَيبَة، وأخذَت تبحَثُ لَهُ عن مُرضِعٍ تُرضِعُه وتُربِّيْه، وكانت كُلّما أحضرت مُرضعةً لترضعَه وتغذيَه من لبنها يَمتَنِعُ عن قَبول ثَديِها، وحاروا في أمرِه حتّى اشتَدَّ به الجوعُ وكَثُرَ منه البكاءُ وخشِيَت عليه من الهلاك، فأخذت تبحَثُ بنفسِها عن مُرضِعٍ له عَسى أن تَجدَ مُرضِعًا يَقْبَلُ ثديَها ويتغذى بلبنها، وفي هذهِ الأثناءِ كان حنينُ أمِّ موسى عليه السلام يَشتدُّ نحوَ موسى الذي صارَ في قَصرِ فرعون، وكانتِ الأشواقُ تتأجَّجُ داخِلَها شوقًا إلى طِفلِها الصَغيرِ موسى عليه السلام حتى طلبت من أختِه أن تَتْبَعَهُ وتَتَقَصَّ ءاثارَه عسى أن تأتيَها بأخبارِ موسى عليه السلام في قَصرِ فرعونَ فيُشْفَى غَليلُها، وكانت قد سمعت أنَّ فرعونَ قد أصابَ صبيًّا في تابوتٍ ووضعَه في قصره. واستجابَت أختُ موسى لطلبِ أمِّها وصارت تَتَقصّى أخبارَ أخيها موسى عليه السلام في قصرِ وَدارِ فرعونَ حتّى علِمَت أنه مُمتَنِعٌ عن قَبولِ ثَديِ أيِّ مُرضِعةٍ تأتي لتُرضِعَه وأنه كثيرُ البُكاءِ من الجوع. عند ذلك دخلت أختُ موسى القصرَ وتقدمت من ءاسيةَ زوجةِ فرعون تَعرِضُ عليها أن تأتيَ لها بامرأةٍ مُرضعةٍ أمينَةٍ تكفَلُ وتتعهدُ هذا الرضيعَ الصغيرَ في مقابلِ أجرٍ لها فوافقت ءاسيةُ على طلبِها، وانطلقَت أختُ موسى بفَرحٍ وسرورٍ إلى أمِّها تُخبِرُها الخبر، وما إن سَمِعت هذا الخبر حتى عَمَّها الفرحُ والسرورُ وانطلقت إلى قصرِ فرعون، فلما دخلت ووَضعت وليدَها الصغيرَ موسى في حِجرها التقطَ موسى عليه السلام ثَديَها وأخذَ يرضَعُ منه حتى ارتَوى، فَفرِحَت ءاسيةُ بذلك فَرحًا عظيمًا وطلَبت منها أن تَمْكُثَ في القصرِ لِتُرْضِعَ هذا الغلام، ووعدتها بأن تُعطيَها أنواعَ الهدايا وتُكرمَها بأنواعِ الإكرام، لكنَّ أمَّ موسى طلبَت من ءاسيةَ أن تسمَحَ لها بأخذِ الغلامِ إلى بيتِها لتَتَعَهَّدَهُ هناك بالعنايةِ والرِعايةِ لأنها لا تَستطيعُ أن تترُكَ بيتَها وأولادَها، وأمامَ هذا الأمرِ الواقعِ رَضيت ءاسيةُ بذلك على أن تأتيَ بهِ إليها في القصرِ كلَّ فترةٍ لتراهُ ثم تُعيدَه لها، وهكذا أعطى الله تبارك وتعالى أمَّ موسى ما وَعَدَها به ورَدَّ لها ولدَها موسى وكانَ وَعدُ اللهِ تعالى حقًّا. ومَكَثَ موسى عليه السلام عند أمِّه تُرضِعُه حتى فطَمَتْه ثم رَدَّته إليهم، فنَشأ وشَبَّ عليه السلامُ في قَصرِ فرعونَ وعاشَ فيه مُعزَّزًا مُكرَّمًا وكانَ يَعيشُ عيشةَ أبناءِ الملوك فيركَبُ مَراكِبَ فرعونَ ويَلْبَسُ ما يَلبَسُ فرعون. نتوقَّفُ هنا لنكلمكم في الحلقةِ القادمَةِ إن شاء الله عن قصة موسى مع القُبطي والإسرائيلي، فتابِعونا وإلى اللقاء.