#41 2-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
الحمد لله مكوّن الأكوان الموجود أزلا وأبدًا بلا مكان أما بعد وُلِدَ نبيُّ الله هارونُ عليه السلامُ بعدَ ولادةِ موسى بثلاثِ سنوات، وفي السنةِ التي لا يُذبَح فيها الأطفال أي عامَ المسامحةِ عن قتلِ الأبناء فتُرِكَ ولم يُذبح، وولدَ نبي الله موسى عليه السلام في السنةِ التي يُذبحُ فيها الأطفال، فضاقت أمُّه به ذَرْعًا خوفًا من قتلِه وأخذت تأخُذُ حِذْرَها وحيطتَها من أوّلِ ما حبَلت به، ولم يكُن يظهرُ عليها مَخايِلُ الحمل، ولما قرُبَ وقتُ وضعِ الحمل حزِنت حزنًا شديدًا واشتدَّ غمُّها وكربُها، فألهمها الله تعالى ألا تَخافَ ولا تحزَن لأنَّ هذا المولودَ سيكونُ له شأنٌ عظيم وأنه سيحفَظُه من كَيْدِ فِرعون ثم يجعلُه منَ المرسلين، وأن تُرضِعَه، حتى إذا خافت عليه تَصنعُ له تابوتًا وصُندوقًا من خَشبٍ ولا تخافُ من الهلاكِ ولا تحزَن لأنه سيكونُ في حِفظِ الله ورعايتِه. وَلَدَت أمُّ موسى نبيَ الله موسى عليه السلام خُفيَة، وجَعلت ترضِعُه برأفةٍ وحنانٍ وهي واثقةٌ من حفظِ الله تبارك وتعالى له، ولما خشيت عليه من كَيْدِ فرعونَ وجنودِه السفاحينَ اتّخذَت صُندوقًا وجعلَت فيه قُطنًا ثم وضَعت فيه وليدَها الصغيرَ موسى عليه السلام، ورَبطتِ الصُندوقَ في حبلٍ وكانت دارُها مُتاخِمَةً لنهرِ النيل، فكانت تُرضِعُ وليدَها موسى كلَ يومٍ فإذا خَشيت عليه من أحدٍ وضعَته في ذلك التابوتِ والصُندوقِ وأرسلته في البحرِ وأمسكت طرَفَ الحبلِ عندها، فإذا ذهبَ هؤلاء الذينَ تَخشى عليه منهم استرجعته إليها. وذات يوم أرسلته ونسيت أن تربِط طرَف الحبلِ عندَها فانطلقَ الصُندوق وفيه موسى الرضيعُ عليه السلام معَ نَهرِ النيل، وانطلقَ الماءُ به يَرفعُه الموجُ تارةً ويخفِضُه أُخرى حتى وصلَ إلى قَصرِ فرعون، وبينما كانت الجواري في قصرِ فرعونَ يغتَسلن على ضِفاف نهرِ النيل أبصرْنَ هذا الصندوقَ فأخذْنَه وظننَّ أنّ فيه مالًا وأشياءَ ثمينةً فحَملْنَه على حالتِه إلى زوجةِ فرعونَ ءاسية بنتِ مُزاحِم وكانت من بني إسرائيل، فلما فَتحَت الصُندوق رأت فيه طفلًا جميلًا وسيمًا فألقى الله تعالى مَحبتَه في قلبِها وأحبَّتْه حبًّا شديدًا، فلما جاء فرعونُ ورءاهُ أرادَ قتلَه وأمرَ بذبحِه فما كان من زوجتِه ءاسية إلا أن دافعت عنه وطلبَت منه أن لا يقتُلَه لأنها كانت لا تلِد، فما كانَ من فرعونَ إلا أن أجابها بقولِه: يكونُ لكِ وأمَّا أنا فلا حاجةَ لي فيه. نتوقَّفُ هنا لنبدأَ في الحلقةِ القادمَةِ إن شاء الله قِصّةَ رِضاعَةِ موسى عليه السلام، فتابِعونا وإلى اللقاء.