(38) كيف نرد على شبهات الوهابية فى تحريمهم الاحتفال بمولد خير البرية ﷺ.
اعلم أن علم الدين لا يؤخذ إلا من أهل المعرفة الثقات والوهابية ليس فيهم ثقة ولا عدل بل هم مشبهة مجسمة يشبهون الله بخلقه ويعتقدون أن الله جسم قاعد فوق العرش ويكفرون المسلمين المنزهين لله عن الحجم والشكل والمكان والجهة وعن كل صفات المخلوقين. واعلم أن الوهابية الذين يحرمون الاحتفال بمولد النبى ﷺ ويعتبرونه بدعة محرمة ابتدعوا دينا جديدا وعقيدة تخالف عقيدة الأنبياء وجميع المسلمين وهى عقيدة التشبيه والتجسيم فإنهم جعلوا الله جسما له أعضاء كاليد والعين والوجه كما فى كتاب فتاوى العقيدة لابن العثيمين. كما أنهم يحرمون الصلاة على النبى جهرا بعد الأذان بصوت المؤذن وقراءة القرءان على الأموات المسلمين والذكر الجماعى محتجين بقوله تعالى فى سورة المائدة ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى﴾. وهذه الآية نزلت فى حجة الوداع فى عرفات وعاش الرسول بعدها نحو ثلاثة أشهر والوحى ينزل عليه أما ءاخر ءاية نزلت فهى ءاية فى سورة البقرة ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون﴾ نزلت قبل وفاته ﷺ بنحو ثمانية أيام. ومعنى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ أن قواعد الدين تمت واكتملت أى أكملت لكم ما تحتاجون إليه القواعد ومعظم ما تحتاجونه من تعلم الحلال والحرام وقوانين القياس والتوفيق بين الأمور بما يوافق شريعة الإسلام بحيث يستطيع مجتهدو الأمة من العلماء أن يقيسوا الأحكام المستجدة عليها ومن هذه القوانين حديث رسول الله ﷺ من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شىء وحديث من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أى من أحدث فى دين الإسلام رأيا لا يوافق ما جاء فى كتاب الله أو السنة النبوية فهو مردود على فاعله لبطلانه كما قال المناوى فى شرح الجامع الصغير ويسمى فعله بدعة سيئة وهذا الذى ذمه النبى ﷺ بقوله إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة كما ذكر الحافظ النووى والإمام الخطابى ففهم من هاتين القاعدتين أنه لا يجوز للمسلمين استحداث أمر مخالف لقواعد الشرع. وليس معنى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ أن الوحى انقطع ولم تنزل أحكام جديدة بعد نزول هذه الآية بل نزلت أحكام عديدة وءايات كثيرة بعد نزول هذه الآية كآية الكلالة فى المواريث وءايات تحريم الربا وهذا مما قاله علماء التفسير كالقرطبى والطبرى وكذلك الحافظ عبد الرحمٰن أبو الفرج بن الجوزى. فإن حرمتم ما أحدثه علماء الإسلام من البدع الحسنة بعد وفاة النبى ﷺ محتجين بآية ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ فقد ألغيتم تحريم الربا لأن ءايات تحريم الربا من ءاخر ما نزل من القرءان ونزلت بعد هذه الآية كما قال سيدنا عمر رضى الله عنه. كما أن الوهابية يموهون على الناس بقولهم لو كان المولد خيرا لفعله الرسول والصحابة ويحتجون بحديث وكل بدعة ضلالة فى تحريمهم للمولد. فإن كان الأمر كما يزعمون فقد نسبوا الجهل إلى الرسول ﷺ واتهموه بأنه مدح الضلالة وقال إن فى الضلالة أجرا لأن الرسول ﷺ قال من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده لا ينقص من أجورهم شىء ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده لا ينقص من أوزارهم شىء، رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلى. بين الرسول ﷺ فى هذا الحديث أن من البدع ما هو حسن وأذن للعلماء من أمته أن يحدثوا بعده أمورا لا تخالف كتابا أو سنة أو إجماعا بدليل حديث مسلم عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت قال رسول الله ﷺ من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، أى مردود وفى ذلك إشعار بأن من أحدث ما هو منه أى ما هو موافق له فليس مردودا وإلا فما فائدة تقييده بقول ما ليس منه. فإن قلتم كما قال شيخكم ابن باز إن معنى من سن فى الإسلام سنة حسنة أحياها فقد خالفتم كلام علماء اللغة وشراح السنة النبوية وكلامكم مردود بحديث من أحيا سنتى عند فساد أمتى له أجر شهيد بدليل أن الرسول ﷺ لم يقل من سن سنتى عند فساد أمتى. ومعنى من أحيا سنتى نشرها ودعا الناس للتمسك بها أما سن فمعناه ابتدع وأحدث. ثم كيف تحرمون عمل المولد بدعوى أن الرسول ما فعله ولا الصحابة وأنتم تطبعون المصاحف المنقطة وتقرؤون بها. وأول من نقط المصحف التابعى الجليل يحيى بن يعمر كما قال أبو بكر بن أبى داود صاحب السنن فى كتابه المصاحف وأول من وضع له الشدات الحسن البصرى. فالتنقيط فى المصحف لم يفعله الرسول ولا أمر به ولا فعله الصحابة وكذا التعشير أى وضع علامة بعد كل عشر ءايات وجعل القرءان أجزاءا ثلاثين والتحزيب أى جعل القرءان أحزابا ستين وعلامات السجدة وترقيم الآيات ووضع أسماء السور ومكية أو مدنية ووضع البسملة فى بداية السور، ثم أليس أنتم تقرؤون بمصاحف مطبوعة ومزينة ومزخرفة وكل هذا لم يفعله الرسول ولا أمر به ولا فعله الصحابة وأنتم تفعلون. رأيتم كم أنكم غارقون فى الكذب والدجل والتحريف والتناقض وتضليل الأمة وتضحكون على الناس وتقولون عن عمل المولد بدعة محرمة. هل قال الرسول اعملوا منبرا للمسجد الحرام من عشر درجات يقف عليه الخطيب. المنبر أيام الرسول كان من ثلاث درجات، هل قال الرسول ضعوا مكبرات الصوت للمسجد الحرام وهل قال أنشؤوا هذه المآذن الضخمة فى المسجد الحرام، هل قال أنشؤوا منبرا نقالا وانصبوا محرابا فى هذا الموضع من الكعبة، هل أمر الرسول بنقل صلاة العشاء مباشرة من المسجد الحرام على الفضائيات وهل قال الرسول أنشؤوا المحاريب فى مساجد الحجاز وكل المساجد فى الحجاز لها محاريب ومآذن وكل هذا لم يفعله الرسول ولا قال افعلوه وأنتم تفعلون. ألستم تحتفلون بمناسبات أسيادكم ترقصون فيها بلحاكم الطويلة أياما وليالى تصرفون فيها أموالا طائلة وتجيزون ذلك وأما مولد رسول الله فتحرمون. تقولون ما لم يفعله الرسول لا نفعله هل قال الرسول تسموا بشيخ الإسلام، من أين جئتم باسم شيخ الإسلام لإمامكم المجسم ابن تيمية، وهل قال الرسول تسموا باسم المجدد الإمام، من أين جئتم باسم المجدد الإمام لمحمد بن عبد الوهاب. هل قال الرسول اطبعوا صحيح البخارى وصحيح مسلم والكتب السبعة، هل قال الرسول أنشؤوا حلقات لختم صحيح البخارى وصحيح مسلم وحلقات لختم موطإ مالك وكل ذلك أنتم تفعلون. ألستم فى مكة والمدينة عند ختم القرءان فى تراويح رمضان تقرؤون دعاء تسمونه دعاء ختم قراءة القرءان وهذا لم يرد فى حديث صحيح أو ضعيف أو موضوع إنما هو مما ألفه بعض المسلمين وجمعه وأنتم تقولون لا توجد بدعة حسنة، إذا هو بدعة ضلالة بزعمكم أدخلتموها فى الصلاة ووضعتموها فى ءاخر المصحف ونشرتموها بين العباد. قال شيخكم ابن باز هذا الدعاء لم يرد فى الحديث لكن هكذا تلقيناه عن شيوخنا، أما شيخكم الألبانى فقال فى كتابه المسمى سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة التزام دعاء ختم القرءان بدعة محرمة وأنتم تدخلونه فى الصلاة وتطبعونه فى المصاحف، واحتج الألبانى عليكم بظاهر حديث وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فضللكم لأجل ذلك. وأنتم تحتجون بآية ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ وتقولون لا توجد بدعة حسنة فماذا ستحكمون على إمامكم ابن تيمية الذى يقول فى كتابه المسمى الفتاوى الكبرى عمن يضبط عدد قراءة الآيات فى الصلاة بالمسبحة أو قراءة سورة الإخلاص بالمسبحة لا بأس بذلك، فهل ورد فى السنة الثابتة أو الإجماع اقرؤوا عددا معينا من سورة الإخلاص فى الصلاة واضبطوا العدد بالمسبحة، أليس هذه بدعة. وإمامكم ابن قيم الجوزية يقول فى كتابه مدارج السالكين وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية، أليست هذه التسمية بدعة.