#35 بيان واجبات الحج
الحمد لله الواحد العلَّام والصلاة والسلام على محمدٍ طه الإمام وعلى آله وأصحابه على الدوام. واجباتُ الحج هى ما ينجَبِرُ بالدم إذا تُرِكَ، ولا يُفْسِدُ تركُهُ الحجَّ وإن كان فيه إثم. فمن واجباتِ الحَجِّ أنْ يُحْرِمَ من الميقات يعنى أن لا يتجاوزَ الميقات من غير إحرام. والمواقيت هي أماكن عيَّنَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتجاوَزَهَا مُريدُ الحجِ من غيرِ إحرام. فميقاتُ أهلِ المدينةِ ومَن يَمُرُّ بطريقِ المدينة إلى مكة هو ذُو الحُلَيفَة، ويقال له اليوم: ءابار علىّ، وميقاتُ أهلِ الشام ومِصر والمغرب ومن يمر بطريقهم الجُحْفَة أو رابِغ، وميقاتُ أهلِ اليمن ومن يمرُّ بطريقهم يَلَمْلَم، وميقاتُ أهلِ العراق ومن يمرُّ بطريقهم ذاتُ عِرْق، وميقاتُ أهلِ نجد ومَن يمرُّ بطريقهم قَرْن الثعالب. فمَن جاوزَ إحدى المواقيت مُتوجهًا إلى مكة المكرمة بقصدِ النُسُك ثم أحرم من بعد الميقات لَزِمَهُ الدَّمُ.
ومن واجباتِ الحجِّ مَبيتُ مُزْدَلِفَةَ على قولٍ. أي أنّه يجبُ أنْ يكونَ الحاجُّ فى مزدلفةَ ولو للحظة بعد منتصَفِ ليلة العيد، يعنى الليلة التى تسبقُ يوم العيد، سواءٌ كان فى مزدلفة قائمًا أو قاعدًا أو نائمًا. وهذا قولٌ فى المذهب، والقول الثانى أنه سُنَّة ليس واجبًا. فعلَى القول الثانى من تركَه فليس عليه إثم ولا فدية.
ومن واجباتِ الحجِّ المبيتُ فى مِنَى أغلَبَ الليل، أى فى ليالِى أيامِ التشريق، أى يبيتُ هناك الليلةَ الأولى والليلةَ الثانية إذا نَفَرَ من مِنًى قبل غروب شمس اليوم الثانى من أيام التشريق وإلا يَـبيتُ ليلةً ثالثة حتى يرمِىَ فى اليوم الثالث. وهذا المبيت أيضًا هو سُـنَّة على قولٍ للإمام الشافعىّ، وعليه فمن ترَكَه فليس ءاثمًا ولا عليه فدية.
و من واجبات الحج رَمىُ جمرةِ العقبة يومَ العيد بسبْعِ حَصَياتٍ. وجمرَةُ العقبة هى الأقربُ إلى مكة من بين الجمرات الثلاث. ويدخلُ وقتُ الرمى بمنتصف ليلة العيد، ويستمرُ إلى ءاخر أيام التشريق.
و من واجبات الحج رمىُ الجَمَراتِ الثلاثِ أيامَ التشريقِ. أي أنّ الحاج يرمِى ثلاثَ جَمَرَاتٍ فى كلِّ يومٍ من أيّام التشريق، يَرمِى كلَّ جمرةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. فواحدةٌ من الجمَرات تَلِى مسجدَ الخَيْف، وواحدة تلى مكة المكرمة كما ذكرنا وهى جمرة العقبة والوسطى بينهما. ولا بد أن يرمِىَ الشخصُ بنفسِهِ إلا لعذر، وأن يرمِىَ الحصَياتِ مُتَفَرّقَاتٍ. فلو رمى الحصيات معًا دفعة واحدة حُسِبَت جميعها حصاةً واحدة.
و من واجبات الحج طوافُ الوداعِ على قولٍ فى المذهبِ. أي أنّه بعد أن ينفرَ الحاجُّ من مِنًى (إمّا فى اليوم الثانى من أيام التشريق قبلَ غروبِ الشمس أو إذا غربت عليه الشمس وهو فى منى ففى اليوم الثالث بعد الرمى)، يجب عليه أن يطوف بالكعبة إذا كان يريدُ الرجوعَ إلى وطنه أو إذا أراد أن يقصِد مسافةَ قصرٍ أى يجب عليه أن يطوفَ سَبْعَ مراتٍ بالكعبة. وعلى قولٍ هذا الطوافُ سُنَّةٌ وليس واجبًا.
فَتَلَخَصَ من ذلك أنّ هناك أمورًا سِتَّةً هى واجبةٌ فى الحج، من تركَ واحدًا منها لم يَفْسُدْ حجُّهُ إنما يكونُ عليهِ إثمٌ وفديةٌ والفدية هى: ذبح شاة، فإن عجز صام عشرةَ أيام، ثلاثة فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. والله تعالى أعلم وأحكم، نسأل الله تعالى أن يُكرمنا بالحج وزيارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.