الأحد ديسمبر 22, 2024

(34) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ﴾.

      قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ﴾ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا يَشَاءُ إِنَّمَا الآيَةُ فِيهَا ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ الأَوَّلُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ حُكْمًا لا تِلاوَةً أَىْ تُتْلَى عَلَى أَنَّهَا ءَايَةٌ مِنَ الْقُرْءَانِ لَكِنْ نُسِخَ حُكْمُهَا وَهُوَ النَّهْىُ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ بِآيَاتِ الْقِتَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ أَىْ قَاتِلُوا الْكُفَّارَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِى دِينِ الإِسْلامِ وَلا يَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ فَيَكُونُوا سَبَبًا فِى إِخْرَاجِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الدِّينِ وَالثَّانِى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِى أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُكْرِهَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ الْتَزَمُوا دَفْعَ الْجِزْيَةِ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الإِسْلامِ بِقُوَّةِ السِّلاحِ. وَالثَّالِثُ ﴿لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ﴾ أَىْ أَنَّكَ يَا مُحَمَّدُ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكْرِهَ قُلُوبَ الْكُفَّارِ عَلَى الإِيمَانِ أَىْ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْدِىَ قُلُوبَهُمْ فَيُؤْمِنُوا إِنَّمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكْرِهَ ظَوَاهِرَهُمْ أَىْ أَنْ تُجْبِرَهُمْ بِقُوَّةِ السِّلاحِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ﴾ أَىْ لَكُمْ دِينُكُمُ الْبَاطِلُ فَاتْرُكُوهُ وَلِىَ دِينِى الصَّحِيحُ وَهُوَ الإِسْلامُ فَاتَّبِعُوهُ.