الأحد ديسمبر 22, 2024

#34 بيان محرمات الإحرام

الحمد لله مُكَوِّنِ الأكوان الموجودِ أزلًا وأبدًا بلا مكان أما بعد يَحْرُمُ على المحرم بدخوله فى الإحرامِ ثمانية أمور. الطّـِيبُ وهو أولُ الثمانية. فيحرُمُ على المحرم بالحجِ والعمرةِ التطيُّبُ فى اللباسِ والبَدَنِ فى أثناء النسك ولو كان أَخْشَم أى ولو كان فاقدًا لحاسّة الشم. أمّا التَطَيُّبُ قبلَ الإحرام لأجلِ أنّه يريدُ أن يُحْرِم فإنَّهُ سُنَّةٌ. وقال الشافعىُّ هو سُنَّـةٌ للرَجُلِ والمرأةِ كليهما، لأنّ عائشةَ رضي الله عنها كانت تقول: كُنَّا نساءَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم نَتَطَيّبُ للإحرامِ فيَسِيلُ المسكُ على وجوهِنَا فيرى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينهانا. رواه أبو داود. ويؤْخَذُ من هذا الحديثِ أنّه لا يَحْرُمُ على المرأةِ الخروجُ متطيبةً إن كانت لا تَقْصِدُ بذلك فتنةَ الرجال الأجانب. أما إنْ قصدَت ذلك فهو حرام. فإن لم تقصِد ذلك فهو مكروهٌ إلا للإحرامِ فيكونُ سُنـَّـةً.

الأمرُ الثانِى من محرّماتِ الإحرام دَهنُ الرأسِ أو اللحية بأىّ شىء يُسمَّى دُهنًا ولو لَم  يكن مُطَـيَّبًا. ويَشمَلُ ذلك الزيتَ وشمعَ العسلِ الذائبِ والشحمَ الذائب وما شابه ذلك. ويجوزُ للمُحرِمِ دَهْنُ شَعْرِ جسدِهِ بالزيتِ، وإنما الحرامُ دهنُ شعرِ الرأسِ وشعرِ اللحيةِ.

 الأمرُ الثالثُ من محرماتِ الإحرامِ إزالةُ الظفرِ أو إزالةُ الشعر بقصٍ أو نَتْفٍ أو حَلْقٍ أو غيرِ ذلك. لكن لو انْكَسَرَ بعضُ ظُفْرِهِ وكان يتضرَّر ببقاءِ الباقِى فلهُ إزالَتُهُ، أى لو بَقِىَ كما هو من غير أن يقُصَّهُ يتضرر، فيجوز له عند ذلك قَصُّهُ ولا إثمَ عليه فى هذه الحال ولا فدية. وكذا لا فدية عليه ولا إثم أيضًا إن انْتَتـَفَ شعرُهُ بغيرِ فعلٍ منه.

 الأمرُ الرابعُ من محرماتِ الإحرامِ هو الجماعُ ومقدِماتُ الجماعِ. فيحرُمُ على الزوجةِ غيرِ المحرِمَةِ تمكينُ زوجِهَا المحرِمِ من جماعِهَا أو من مقدماتِ الجماعِ (ولو كانت هى غيرَ مُحْرِمَة). ومقدماتُ الجماعِ مثلُ القُبْلَةِ بشهوة، والنظرِ بشهوة، واللمسِ بشهوة. فهى محرَّمَةٌ على المحرمِ، يأثَمُ فاعِلُهَا وعليه دَمٌ إلا النظرَ فلا دَمَ فيه.

الأمر الخامسُ من محرمات الإحرام هو عقد النكاح، فلا يجوزُ ولا يصحُّ أن يعقِدَ النكاحَ بنفسِه أو بتوكيلِ وكيلٍ عنه. وسواءٌ فى ذلك أَكانَ الْمُحْرِمُ هو الخاطبُ أو كان المحرمُ وليًا للمرأة فإنّه لا يصحُ.

الأمرُ السادس من محرمات الإحرام صيدُ مأكولٍ برىٍّ وحشىٍّ، كغزالٍ ونَعَامَةٍ ونحوِ ذلك. وأمّا الحيوانُ المؤذِى بطبعِهِ فيجوزُ للمُحرِمِ قتلُهُ، بل يُنْدَبُ ذلك، مثلُ الفأرَة والحيّة وما شابه ذلك.

و السابع من محرمات الإحرام أن يسترَ الرجلُ رأسَهُ بِقَلَنْسُوَةٍ أو نحوِهَا (ولو ستر جُزءًا من رأسِهِ، أيضًا هذا حرام) بكُلِّ ما يُعَدُّ ساترًا فى العُرْفِ، فلا يَحْرُمُ أن يَضَعَ يَدَهُ على رأسِهِ مثلًا. ويحرُمُ كذلك على الرجلِ أن يَلْبَسَ ما يُحيطُ ببدَنِهِ بِلَبْدٍ أو بخياطَةٍ (كقميص) ، وإنما يَسْتُرُ بَدَنَهُ بإزارٍ غير مَخِيطٍ وما شابه ذلك. واللَّبْدُ هوَ أن يُؤخَذَ الصوفُ أو القُطنُ فيُجمع ثم يُكبَس فيصيرُ متماسكًا بسبب الكبس لا بسببِ حَبْكٍ. فلو لَبِسَ قميصًا مُحِيطًا بالبَدَنِ لا بخياطَةٍ إنما بسبب لَبْدِهِ على هذه الطريقة لم يَجُزْ له ذلك.

واعلموا رحمكم الله أنّ المرأةَ المحرمةَ حرامٌ عليها أن تستُرَ وجْهَهَا بغِطاءٍ يُلامِسُ الوجه. أمّا لو وضعت شيئًا يمنعُ أن يلامِسَ الغطاءُ وجهَهَا ثم سَدَلَت الغطاءَ جاز ذلك كما كانت تفعلُ نساءُ الرسول صلى الله عليه وسلم. وكذا يَحْرُمُ على المرأةِ لُبْسُ القُفَّازِ وهى محرمة، ولا يحرُمُ عليها أن تستُرَ كفّيهَا بِكُمٍّ طويل. والله تعالى أعلم وأحكم، أسأل الله تعالى أن يُفقّهنا في ديننا والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا وأبدًا.