السبت أكتوبر 19, 2024

(320) مَا مَعْنَى حَدِيثِ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ.

        رَوَى التِّرْمِذِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ. هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّوَسُّلِ بِالأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ كَمَا تَدَّعِى الْوَهَّابِيَّةُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعْنَاهُ أَنَّ الأَوْلَى بِأَنْ يُسْأَلَ وَيُسْتَعَانَ بِهِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ مَعْنَاهُ لا تَسْأَلْ غَيْرَ اللَّهِ وَلا تَسْتَعِنْ بِغَيْرِ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ أَدَاةُ نَهْىٍ فَلَمْ يَقُلِ الرَّسُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ لا تَسْأَلْ غَيْرَ اللَّهِ وَلا تَسْتَعِنْ بِغَيْرِ اللَّهِ وَحَتَّى لَوْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ النَّهْىِ فَلَيْسَ كُلُّ أَدَاةِ نَهْىٍ لِلتَّحْرِيمِ نَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ لا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِىٌّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَكَمَا لا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَدَمُ جَوَازِ صُحْبَةِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ وَلا عَدَمُ جَوَازِ إِطْعَامِ غَيْرِ التَّقِىِّ إِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الأَوْلَى فِى الصُّحْبَةِ الْمُؤْمِنُ وَأَنَّ الأَوْلَى بِالإِطْعَامِ هُوَ التَّقِىُّ كَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ لا يُفْهَمُ مِنْهُ إِلَّا الأَوْلَوِيَّةُ.