الخميس نوفمبر 21, 2024

#31 المستحقون للزكاة

الحمد لله الذي أيّن الأين فلا أين له وكيّف الكيف فلا كيف له والصلاة والسلام على محمد سيد أهل الأرض والسماء ومصباح الدنيا وخاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه الأوفياء الأصفياء. أما بعد يجبُ صرفُ الزكاة إلى مَن وُجِدَ فِى بَلَدِ المالِ مِنَ الأصنافِ الثمانيةِ الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم من: (1) الفقراءِ، (2) والمساكينِ، (3) والعامِلِينَ عليها، (4) والمؤلَّفَةِ قُلُوبُهُم، (5) وفِى الرِّقَابِ، (6) والغَارِمِينَ، وهم الْمَدِينُونَ العاجِزونَ عن الوفاءِ، (7) وفِى سبيلِ الله ، وهم الغُزَاةُ المتطوعونَ ليسَ معناهُ كُلَّ عملٍ خَيرىٍّ، (8) وابنِ السبيلِ، وهو المسافرُ الذى ليسَ معَهُ مَا يوصِلُهُ إِلَى مَقْصَدِهِ.

الصنفُ الأول هم الفقراء، والفقيرُ هو الذى لا يَجِدُ نِصْفَ كفايَتِهِ.

الصنفُ الثانِى المساكين، والمسكين هو الذى يجدُ نصفَ الكفاية لكن لا يجدُ الكفايةَ تامّةً.

الصنف الثالث هم العاملون على الزكاة، وهم الذين يوكلهم الخليفة (من غيرِ أُجرة) أن يجمعوا الزكوات ويوزعوها على المستحقين.

الصنفُ الرابعُ المؤلفَّةُ قلوبُهم، وهم الذين دخلوا فى الإسلام من مدةٍ قريبة وبعدُ فى قلوبهم وَحْشَةٌ من المسلمين، أى ما تآلفوا مع المسلمين. فيُعطَونَ من الزكاةِ تأليفًا لقلوبِهِم. وهذان الصنفان الأخيران العاملون عليها والمؤلفةُ قلوبُهُم يُعطَوْنَ من الزكاةِ ولو كانوا أغنياء.

الصنفُ الخامسُ فى الرقاب، يعنِى العبيد الذين كاتَبوا أسيادَهُم على مبلغٍ من المال إذا دفعوه يصيرون أحرارًا، أى اتّفقوا مع أسيادِهِم على أنّ السيدَ يَسْمَحُ لهم أن يذهبوا فيعمَلوا مدّة معيّنة فإذا دفعوا للسيد مقدارًا معينًا من المال يصيرُون أحرارًا. فإن عجز العبيد عن ذلك يُعْطَون من مال الزكاة إعانة لهم ليصيروا أحرارًا.

الصنف السادس هم الغارمون، وهم الْمَدِينُونَ فِى حلالٍ ثم عَجَزُوا عن الوَفَاءِ، أو استدانوا فى حرام ثم تابوا وظهرت عليهم ءاثار التوبة وعَجَزُوا عن وفاء الدين.

الصنف السابعُ فى سبيل اللهِ، وهم الغزاةُ المتطوعون، يعني الذين هم ليسوا فى ديوان الْمُرْتَزِقَة، ليسوا فى الديوان بحيثُ يُعطَونَ مالًا على كونِهم مقاتلين فى الجيش إنما هم متطوعون. فهؤلاء ولو كانوا أغنياء يُعطَونَ ما يستعينون به على الجهادِ. هذا معنى فى سبيل الله فى الآيةِ، وليس معناها كُلَّ عمل خَيرىّ. لو كان معناها كلَّ عمل خيرىّ لَمَا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام فى الزكاة: “إنَّهُ لا حَقَّ فيها لغنِىٍّ ولا لِقَوِىٍّ مُكْتَسِب” رواه أبو داودَ والبيهقىّ. وقد أجمعَ المجتهدون على أنَّ “فى سبيلِ اللهِ” فى هذه الآية معناها الغزاةُ المتطوعون.

الصنف الثامن هو ابن السبيل، وهو المسافر الذى انقطَعَ فى السفر من المال فلم يعد معه من المال ما يُوصِلُهُ إلى مَقصَدِهِ ويردُّه إلى بلدِهِ فإنه يُعطَى ما يَصِلُ به إلى مقصَدِهِ ثم يَرُدُّه إلى بلده من الزكاة.

ولا بد فى إخراجِ الزكاةِ مِنْ أن تُدْفَعَ إلَى ثلاثةٍ على الأقل مِن كلِّ صنفٍ من هذه الأصناف أى الموجود منهم في بلد الزكاة، وقال بعضُ الأئمة: يصحُ دَفْعُ زكاةِ الواحدِ إلى الواحد. ولا يجوزُ دفعُهَا إلى أحدٍ من بَنِى هاشم أو بَنِى الْمُطَّلِب أو مَوَالِيهِم ولو كانوا فقراء. الذين كانوا عبيدًا عند بنى هاشم أو بنى المطلب ثم أعتَقُوهُم، هؤلاء يصيرونَ منهم، فيَحْرُمُ عليهم أخذُ الزكاةِ كما يَحْرُمُ على بَنِى هاشم وبِنِى المطّلب. هاشم والْمُطَّلِب أَخَوَانِ هما ابنَا عَبدِ مناف، فمن كان من ذُريِة أحدِهِمَا يَحْرُمُ عليه أكلُ الزكاة.

ولا يجوزُ ولا يُجْزِئُ صَرفُ الزكاة لغير المستحقين لها فمن دَفَعَ زكاةَ ماله إلى غير هذه الأصنافِ الثمانيةِ الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم لم يُجْزئهُ ذلك زكاةً، كأنْ دَفَعَ زكاةَ مالِهِ فى بناءِ مسجد أو مستشفى أو سُورِ مقْبَرَة أو مدرسة إسلامية. فى كلِّ هذه الحالات هذه ليست زكاةً صحيحة، وذمتُهُ لم تبرأ بعد من الزكاة، بل هو ءاثم بفعله ذلك الأمر، لأنه يؤدى عبادةً فاسدةً كالذى يُصلّى بغيرِ وضوء، فإنه يأتِى يومَ القيامةِ والزكاةُ ما زالت فى ذمتِهِ، أى لم تبرأ ذِمَّتُهُ منها. والله أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين