30 نفقة العبيد والبهائم
النوع الثاني من أنوتع النفقة نفقةُ الرَّقيق يدخُلُ فيها نحو أجرة الطبيب له وثمن الدواء، هذه النفقة واجبة لحديث مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمملوكِ طعامُه وكِسوَتُه ولا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ ما لا يُطيق اهـ فمَن مَلَكَ رقيقاً وجبَ عليه نفقَتُه سواءٌ كان ذكرًا أو أنثى أو مستأجَرًا أو مُعارًا فيطعِمُه من القوت، غالب قوت أرقاء البلد ومن الأدم، من غالب أُدْمِ أرقاء البلد، هذا الواجب عليه، ومن الكِسوة أيضًا ما اعتادَه أرقاء تلك البلد هذا الواجب لكنّ الأحسن والسُّنَّة أن يطعِمَه السيدُ مما يأكل وأن يكسُوَه مما يكتَسِى، أما الواجب فما ذكرناه. ويعتبر فيه حالُ العبد وحال السيد من حيث الإعسار واليسار مثلاً. ولا يكفى فى السترة أن يكسُوَه ما يستر عورتَه فقط ولو لم يتأذَّ بحر أو برد لأن فيه إذلالاً للعبد إلا إن كان في بلد عادةُ أهله هكذا فينتفى هذا المعنى.
النوع الثالث من أنواع النفقة هو نفقة البهائم لكن هنا المراد ليس أى حيوان، بل الحيوان المحترم. يعنى مثلاً الفأرة لا تجب نفقتها والغراب لا تجبُ نفقته، والعقرب لا تجبُ نفقته، والكلب العقور أي المؤذي لا تجب نفقته. لكن لا تحبس لتموت جوعاً. فعلى مالك البهيمة عَلَفُها وسقيُها بقدر الكفاية يعنى لأول الشِّبَع فإن امتَنَع المالك من ذلك وكان له مال أَمَرَهُ الحاكمُ بأمرٍ من ثلاثة: إما أن يَبيعَ البهيمة أو يَهَبَها أو نحوَ ذلك، أو يعلِفَها ويسقِيَها بقدر الكفاية، أو يذبَحَها إن كانت مأكولة، فإن كانت غيرَ مأكولة أمرَه بأحد أمرين: ببيعِها أو بهبَتِها أو نحوِ ذلك، والأمر الثاني أن يكفِيَها الطعامَ والشرابَ، فإن لم يأت المالك بشىء من ذلك، اجتهد الحاكمُ فى الحال وفعل فى البهيمة ما يراه مناسبًا من هذه الأمور، فإن أتى للبهيمة بالطعام والشراب، أتى لها بذلك من مال صاحبها. فإن لم يكن للمالك مال، الحاكم عند ذلك إما أن يؤْجِرَ الدابة على المالك وإما أن يبيعَهَا أو يبيعَ جزءًا منها فإن تعذَّر ذلك كُفِيت الدابة من بيت المال إن لم يكن هناك سبيل لكفايَتِها، الحمار أو الحصان ونحو ذلك يُكفى من بيت المال. ولا يحلِبُ المالك من لبن دابته ما يضُرُّ ولدَها أي أن لا يحلب الحليب بحيث لا يترك للولد شيئاً حين يكون الحليب غذاءًا للولد، فإن لم يكن لها ولد فحَلَبَها سُنَّ أن لا يُخرجَ كلَّ اللبن من الضرع بل يسن أن يترك فى الضرع شيئًا من اللبن لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك. ويسن لمن يحلبُ البهيمة أن يَقُص أظافره حتى لا يؤذيها. ويجوز له أن يسقِىَ ولد البهيمة من حليب غيرِها إن أخذه أي إن استَمْرَأَه. ويجب على مالك النحل أن يُبقي له فى الكَوَّارة من العسل ما يَكفيه حتى لا يموت أو يضع له شيئاً ءاخر يأكلُه إذا أخذ كلَّ العسل. والذي يملك دودَ القز عليه أن يأتيه بالتوت أو يُخَلِّيه يأكل التوت هو. ولا يجوز أن يكلَّفَ الرقيقُ والبهائم من العمل ما لا يُطيقون يعنى ما لا يطاق بحسب العادة على الدوام وإلا قد يُطيق العبد عملاً ما يومًا أو يومين ثم ينهار فلا يجوز أن يكلِّفَه السيد ذلك وكذا البهيمة. فإذا استعمل المالك رقيقه نهارًا أراحه ليلاً وإن استعمله ليلاً أراحَه نهارًا ويريحُه فى الصيف وقتَ القيلولة فى النهار لأنه وقتُ الراحة عادةً.