(3) مَاذَا يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْمَلَ فِى نَهَارِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِيقَاظَ بَاكِرًا أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا لِقَوْلِهِ ﷺ بُورِكَ لِأُمَّتِى فِى بُكُورِهَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَسْتَيْقِظُونَ بَاكِرًا ثُمَّ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ ثُمَّ يُبَكِّرُونَ بِالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ حَاجَاتِهِمْ. أَحَدُ الصَّحَابَةِ لَمَّا سَمِعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ صَارَ يَخْرُجُ بَاكِرًا فِى تِجَارَتِهِ فَأَثْرَى. وَيُسَنُّ لِلْمُسْلِمِ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُور. وَأَنْ يَنْوِىَ فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمَاتِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ السِّوَاكَ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ. وَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَى الْخَلاءِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ ثُمَّ يَدْخُلُ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَقْضِى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنْوِى أَنَّهُ يَسْتَنْجِى وَيَفْعَلُ السُّنَنَ وَيَتْرُكُ الْمَكْرُوهَاتِ ابْتِغَاءَ الأَجْرِ مِنَ اللَّهِ وَلا يَسْتَنْجِى بِيَمِينِهِ وَلا يَذْكُرُ اللَّهَ فِى الْخَلاءِ بِلِسَانِهِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ يَخْرُجُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ غُفْرَانَكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنِّىَ الأَذَى وَعَافَانِى. ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَتَّجِهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ وَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَـهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَخْفِضُ بَصَرَهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. ثُمَّ يَتَّجِهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيُؤَذِّنُ وَيُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ ءَاتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ. ثُمَّ يُصَلِّى سُنَّةَ الصَّبْحِ ثُمَّ يُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُصَلِّى الصُّبْحَ جَمَاعَةً مَعَ أَهْلِهِ. وَيُصَلِّى بِثَوْبَيْنِ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ وَيَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَاكَ وَأَنْ يَتَّخِذَ سُتْرَةً وَأَنْ يُفَرِّجَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ شِبْرًا. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ءَاتِنَا أَفْضَلَ مَا تُؤْتِى عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ. وَيَنْبَغِى أَنْ يَخْشَعَ فِى صَلاتِهِ. فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ. ثُمَّ يَبْدَأُ بِقِرَاءَةِ أَوْرَادِ التَّحْصِينِ وَالذِّكْرِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِى لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَىْءٌ فِى الأَرْضِ وَلا فِى السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِى صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ وَيَقُولُ حَسْبِىَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم سَبْعَ مَرَّاتٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِى وَيَقُولُ فِى كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِى أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِى لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاجِر مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِى الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْـرٍ يَا رَّحْمٰن. وَيَنْبَغِى أَنْ يَقْرَأَ ءَايَةَ الْكُرْسِىِّ فَقَدْ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَرَأَ ءَايَةَ الْكُرْسِىِّ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ، مَعْنَاهُ أَنَّ رُوحَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَوْرًا يَصْعَدُ إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْجَسَدِ. وَأَنْ يَقْرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ بَعْدَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَقِبَ كُلِّ صَلاةٍ شَىْءٌ عَظِيمٌ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا تَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ بِمِثْلِهِمَا، فَلا يُوجَدُ مِثْلُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِى الْقُرْءَانِ فِى التَّعْوِيذِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا رَأَى وَجْهَهُ فِى الْمِرْءَاةِ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِى فَحَسِّنْ خُلُقِى وَأَنْ يَقُولَ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِى هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلا قُوَّة. وَإِذَا أَرَادَ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ فَإِذَا نَسِىَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَءَاخِرَه وَيَأْكُلُ بِنِيَّةِ التَّقَوِّى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَيَقُولُ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ. وَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِقَضَاءِ حَاجَاتِهِ أَوْ لِعَمَلِهِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَقَدْ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ يُقَالَ لَهُ كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ أَىْ مَالَ عَنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا الدُّعَاءَ لا تَسْتَطِيعُ الشَّيَاطِينُ الَّذِينَ يَسْرَحُونَ فِى الطُّرُقَاتِ التَّعَرُّضَ لَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْفَظُهُ مِنْهُمْ. وَإِذَا أَرَادَ اسْتِيدَاعَ بَيْتِهِ وَأَهْلِهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَوْدِعُكَ بَيْتِىَ هَذَا وَمَنْ فِيهِ وَمَا فِيهِ دُونَ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِىُّ وَالْبَيْهَقِىُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ إِذَا رَأَى فِى طَرِيقِهِ مُبْتَلًى فِى دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى عَافَانِى مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِى عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلا وَأَنْ يَقُولَ إِذَا رَأَى مَا يَسُرُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَات وَأَنْ يَقُولَ إِذَا رَأَى مَا يَسُوؤُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَإِذَا الْتَقَى بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَبْتَسِمُ فِى وَجْهِهِ وَيُصَافِحُهُ وَيُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَلِأَخِى هَذَا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ أَخُوهُ مِثْلَهُ يُغْفَرُ لَهُمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِمَا مِنَ الصَّغَائِرِ وَقَدْ يُغْفَرُ لَهُمَا الْكَبَائِرُ أَيْضًا فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِىِّ إِلَّا لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُمَا ذُنُوبُهُمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأَخَّرَ، رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِىُّ. فَيَنْبَغِى أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِىِّ وَخَاصَّةً فِى عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَنْبَغِى أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ كَثِيرًا وَأَنْ يُصَلِّىَ نَوَافِلَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنَ الْعَمَلِ يَنْبَغِى أَنْ يَشْتَغِلَ بِعِلْمِ الدِّينِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا وَأَنْ يَصُومَ يَوْمَىِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ. وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِهَا تَنْوِى بِتَحْضِيرِ الطَّعَامِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ الإِحْسَانَ إِلَى الزَّوْجِ وَالأَوْلادِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ. وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ يَنْوِى كُلٌّ مِنْهُمَا الإِحْسَانَ إِلَى الْوَالِدَيْنِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَيَنْبَغِى أَنْ يَتَذَكَّرَ دَائِمًا أَنْ يَنْوِىَ النِّيَّةَ الْحَسَنَةَ فِى كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ حَتَّى يَنَالَ الأَجْرَ وَالثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.