3 – شق صدره ﷺ
لَمَّا أَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي سَعْدٍ أَرْبَعَ سِنِين جَاءَ جِبْريلُ وَمِيكَائِيلُ وَعَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَخَذَاهُ وَأَضْجَعَاهُ وَشَقَّ جِبْرِيلُ صَدْرَهُ الشَّريفَ وَاسْتَخْرَجَ قَلْبَهُ فَشَقَّهُ وَأَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَهَا ثُمَّ غَسَلَهُ بِثَلْجٍ حَتَّى أَنْقَاهُ وَالْتَأَمَ كَمَا كَانَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَتِلْكَ الْعَلَقَةُ خُلِقَتْ فِي قُلُوبِ الْبَشَرِ قَابِلَةً لِمَا يُلْقِيِهِ الشَّيْطَانُ فَبِإِزَالَتِهَا مِنْ قَلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَحَلٌ قَابِلٌ لِإِلْقَاءِ الشَّيْطَان. قَالَتْ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شِبَابَ الصَّبِيِّ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شِبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ، فَبَلَغَ سَنَةً وَهُوَ غُلامٌ، قَوِيٌّ عَلَى الأَكْلِ، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُوَ وَأَخُوهُ يَوْمًا خَلْفَ الْبُيُوتِ يَرْعَيَانِ بِهَا لَنَا، إِذْ جَاءَ أَخُوهُ مُسْرِعًا فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: أَدْرِكَا أَخِي الْقُرَشِيَّ فَقَدْ جَاءَهُ رَجُلانِ فَأَضْجَعَاهُ وَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا فَوَصَلْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَاعْتَنَقْتُهُ ثُمَّ قُلْنَا مَاذَا حَصَلَ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا.قَالَتْ حَلِيمَةُ: فَخِفْنَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أُصِيبَ فِي عَقْلِهِ فَأَخَذْنَاهُ وَرَجَعْنَا بِهِ إِلَى أُمِّهِ. فَقَالَتْ أُمُّهُ: مَا الَّذِي رَدَّكُمَا بِهِ؟ فَقُلْتُ: إِنَّا تَخَوَّفْنَا الأَحْدَاثَ عَلَيْهِ فَقُلْنَا يَكُونُ فِي أَهْلِهِ، قَالَتْ أُمُّهُ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ، فَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا خَبَرَهُ، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ؟ كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَكَانَ حَمْلُهُ خَفِيفًا عَظِيمَ الْبَرَكَةِ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ، فَلَمَّا وَقَعَ كَمَا تَقَعُ الصِّبْيَانُ وَقَعَ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، اتْرُكَاهُ وَاذْهَبَا.