3 النظر إلى المرأة
بعد أن ذكر أبو شجاع رحمه الله أنَّ الحرَ يجوز أن يجمع بين أربع نساء والعبدَ بين اثنتين، انتقل للكلام على نظر الرجل إلى المرأة، ماذا يحِلُ منه وماذا يحرم، فذكر رحمه الله أن نظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب. ومرادُه بالرجل الذكر البالغ ولو كان شيخًا هرِمًا عاجزًا عن الوطء. ومرادُه بالمرأة الأنثى البالغةُ والمراهقةُ والتي تُشتهى، أما الصغيرةُ التي لا تُشتهى فيَحِلُّ النظرُ إليها بخلاف الكبيرة التي لا تُشتَهى لتَشَوُّهٍ أو لكونِها عجوزًا فإنها كالبالغة المشتهاة.
النوع الأول: نظرُه إلى أجنبيةٍ لغير حاجة، فى هذه الحال يحرُم عليه النظر إلى أى شىء من بدن المرأة الأجنبية إلا وجهَهَا وكفَّيها بلا شهوة. وما حَرُمَ عليه أن يراه منها متصلاً حَرُمَ عليه أن يراه منها منفصلاً، يعنى لا ينظرُ إلى شعرها المنفصل ولا ينظر إلى ظفر رِجلِها المنفصل ونحوِ ذلك. أما صوتُها فليس بعورة فلا يَحْرُمُ سماعُه.
النوع الثاني من الأنواع السبعة: نظرُ الرجل إلى زوجته وإلى أمته التي يحل له الاستمتاع بها فيجوز أن ينظرَ مِنْ كلٍّ منهما فى حال حياتهما ولو لما بين السرّة والركبة.
والنوع الثالث: نظرُ الرجل إلى ذوات محارمه، إن كنّ محارم له بنسب أو رَضَاع أو مصاهرة. فيجوز أن ينظر فيما عدا ما بين السرة والركبة أى بغير شهوة أما بشهوة فحرام. وأما السرة والركبة فهما ليستا عورة لكن لا بد من سَتْرِ شىء منهما لضمان سترِ ما بينهما. وأما نظرُ المرأةِ إلى الرجل فيجوز أن ترى من الرجل الأجنبى كلَّ بدنِه إلا ما بين السرة والركبة.
النوع الرابع: النظر إلى الأجنبية لأجل حاجةِ النكاح فيجوزُ بل يُسَنُّ للشخص إذا عزم على الزواج منها أن ينظر إلى وجهها وإلى ظاهر كفيها وباطنهما.
والنوع الخامس: النظر للمداواة كفصد وحِجامة وغيرِ ذلك. فيجوز نظرُ الطبيب من الأجنبية إلى المواضع التي يَحتاجُ أن ينظُرَ إليها فى المداواة. وإذا داوى الطبيب المرأة اشتُرِط عدمُ الخلوة بحيث يكون معهما زوجٌ أو مَحْرَمٌ أو نحوُ ذلك. ثم فى المرأة تُقَدَّم المرأة المسلمة ثم صبىٌّ مسلم غيرُ مراهق ثم كافر غيرُ مراهق ثم مراهق مسلم ثم مراهق كافر ثم الْمَحْرَمُ المسلم البالغ ثم الْمَحْرَمُ الكافر ثم الممسوحُ المسلم -يعنى الذي قُطِعَ ذَكَرُه وأنثياه- ثم المرأةُ الكافرةُ ثم الممسوح الكافر ثم المسلم الأجنبىُّ ثم الكافرُ الأجنبىّ، ولا شك أن الزوج مقدَّم على كلِّ هؤلاء.
النوع السادس: هو النظر للشهادة على المرأة الأجنبية فيكفى فى هذا النظرُ إلى وجهها فى أغلب الحالات لكن كما ذكرنا النظر إلى كفيها إن كان من غير شهوة لا يحرم. ويجوز أن ينظُرَ إلى فرجها ليشهَدَ بزناها أو وِلادَتِها وكذا النظر إلى ثديها للشهادة على الرضاع. فإذا نَظَرَ لِمِثْلِ هذه المواضع التي هى عورة لا يكرر النظر. فتلخص أن الشاهد ينظر إلى ما يَحتاجُ أن ينظر إليه للشهادة.
أما النوع السابع والأخير: هو النظر إلى الأمة عند ابتياعِها فيجوز نظرُه إلى المواضع التي يَحتاج إلى تقلِيبها، المواضع التي يحتاج أن ينظر إليها ولا ينظُرُ إلى ما بين سرَّتِها وركبَتِها. وإذا أرادت المرأة أن تشترِىَ عبدًا، أيضًا لم يجز لها أن تنظر إلى ما بين سرته وركبته. ويُعتَبَرُ عدمُ الخلوة فى هذه الحال أيضًا. بهذا ينتهى هذا الفصل والله تعالى أعلم وأحكم.