السبت أكتوبر 19, 2024

(296) تَكَلَّمْ عَنِ النَّارِ.

        يَجِبُ الإِيمَانُ بِالنَّارِ أَىْ جَهَنَّمَ وَبِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ الآنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ وَقَوْلِهِ ﷺ أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ وَأَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ وَأَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِىَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ. وَجَهَنَّمُ هِىَ دَارُ الْعَذَابِ الدَّائِمِ لِلْكَافِرِينَ وَيُعَذَّبُ فِيهَا بَعْضُ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً وَمَكَانُهَا تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ وَهِىَ بَاقِيَةٌ لا تَفْنَى وَلا يَفْنَى أَهْلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾. وَلا يُخَفَّفُ الْعَذَابُ عَنِ الْكُفَّارِ كَأَبِى لَهَبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ﴾. وَيَزِيدُ اللَّهُ فِى حَجْمِ الْكَافِرِ فِى النَّارِ لِيَزْدَادَ عَذَابًا حَتَّى يَكُونَ ضِرْسُهُ كَجَبَلِ أُحُدٍ وَمَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فَلَوْ كَانَتْ خِلْقَتُهُ كَمَا هِىَ فِى الدُّنْيَا لَذَابَ بِلَحْظَةٍ وَلا يَمُوتُ الْكُفَّارُ فِى النَّارِ فَيَرْتَاحُونَ مِنَ الْعَذَابِ وَلا يَحْيَوْنَ حَيَاةً هَنِيئَةً طَيِّبَةً بَلْ هُمْ دَائِمًا فِى نَكَدٍ وَعَذَابٍ. وَطَعَامُهُمْ مِنْ ضَرِيعٍ وَهُوَ شَجَرٌ كَرِيهُ الْمَنْظَرِ وَالطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ قَالَ تَعَالَى ﴿لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ وَكَذَلِكَ يَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ كَغَلْىِ الْحَمِيمِ﴾ وَهَذِهِ الشَّجَرَةُ مَنْظَرُهَا قَبِيحٌ جِدًّا وَرَائِحَتُهَا كَرِيهَةٌ جِدًّا لا تُطَاقُ. وَأَمَّا شَرَابُ أَهْلِ النَّارِ فَهُوَ الْمَاءُ الْمُتَنَاهِى فِى الْحَرَارَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا﴾ أَىْ أَنَّ الْكُفَّارَ فِى جَهَنَّمَ لا يَذُوقُونَ الشَّرَابَ الْبَارِدَ الْمُسْتَلَذَّ ﴿إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ وَالْحَمِيمُ هُوَ الْمَاءُ الْمُتَنَاهِى فِى الْحَرَارَةِ وَالْغَسَّاقُ هُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ، مَلائِكَةُ الْعَذَابِ يَسْقُونَهُمْ مِنْهُ فَتَتَقَطَّعُ أَمْعَاؤُهُمْ. وَثِيَابُ الْكُفَّارِ مِنْ نَارٍ قَالَ تَعَالَى ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّنْ نَّارٍ﴾. وَيُوجَدُ فِى جَهَنَّمَ حَيَّاتٌ الْحَيَّةُ الْوَاحِدَةُ كَالْوَادِى وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ لا تَتَأَثَّرُ بِالنَّارِ تَلْسَعُ الْكُفَّارَ وَتُعَذِّبُهُمْ فَوْقَ عَذَابِهِمْ بِالنَّارِ. وَلَقَدْ قِيلَ لَوْ كُنْتَ بِالْمَشْرِقِ وَالنَّارُ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ كُشِفَ عَنْهَا لَخَرَجَ دِمَاغُكَ مِنْ مَنْخِرَيْكَ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهَا. وَقَالَ أَحَدُ الصَّالِحِينَ مَثَّلْتُ نَفْسِىَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ ءَاكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا وَأَشْرَبُ مِنْ حَمِيمِهَا وَأَتَعَثَّرُ بِأَغْلالِهَا فَقُلْتُ أَىْ نَفْسُ مَا تُرِيدِينَ فَقَالَتِ الْعَوْدُ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا فَقُلْتُ أَىْ نَفْسُ أَنْتِ الآنَ فِى الأُمْنِيَةِ فَاعْمَلِى (أَىْ فِى الْمَكَانِ الَّذِى يَتَمَنَّاهُ الإِنْسَانُ لَوْ كَانَ فِى هَذَا الْعَذَابِ).