الجمعة أبريل 11, 2025

28 نفقة الوالدين الفقيرين

نشرع الآن إن شاء الله فى فصل جديد معقود لبيان أحكام النفقة، نفقة الأهل والأولاد، يعنى الوالدِين والأولاد والزوجة والعبيد والبهائم. نفقة العمودين أي الأصول والفروع من الأهل واجبةٌ للوالدِين والمولودين، يعنى من بين الأقارب تجب النفقة للوالد يعنى يشمل الأب والأم والجد والجدة، وللأولاد بما يَشمل الابن وابنَ الابن أحياناً وهكذا، أما الأخ والأخت ونحوُهما فليس لهم حكمُ الوالدِين والمولودين. ولما قلنا الأصول شَمَلَ ذلك الأب والأم وما علاهُما ولو من جهة الأم ولما قلنا الفروع شمل ذلك الابن والبنت وما سفل ولو من جهة البنت. والمعتبر فى هذه النفقة ما يكفى الشخصَ المنفَق عليه وهذا يتغيَّر من شخص إلى ءاخر، ما يكفى واحد قد لا يكفى غيرَه، فيجبُ إشباعُ الذي يجب عليك أن تُنْفِقَ عليه الحد الأدنى من الإشباع ولا يكفي سدُ الرمَق، ولا يجب المبالغة فى إشباعه، إنما يجبُ إشباعه من غير مبالغة، ويُعتبَر فى هذا حالُه وسِنُّه إلى ءاخره. ويجب له الأُدُم وهو ما يؤكل بالخبز، والسكنى وكسوة وأجرة الطبيب وثمن الدواء ونحو ذلك. وتجب نفقة الوالدِين إذا كان عنده ما يزيدُ عن مؤنته ومؤنة عياله يومًا وليلة. ومنعُ النفقة الواجبة من الكبائر فقد روى النسائىُّ وغيره كفَى بالمرءِ إثْمًا أن يُضَيِّعَ من يقوت اهـ فإذا مَنَعَ الشخصُ النفقة الماضية، أي مرت عليه مدة تعدَّى بمنع النفقة فيها لم تَصِرْ دَينًا عليه إلا فى حال الزوجة وكذلك الحامل المطلقة. هذه النفقة لا تسقط بمرور الزمن، نفقة الزوجة والمطلقة الحامل. هذا شىء من حيث الإجمال متعلق بأمر النفقة.

 الآن نشرع بتفصيل أمرِها ونبدأ بالكلام على نفقة الوالدين. الوالدون يعنى الأب والأم ومن وَلَدَهُما، تجب نفقَتُهُم على الفَرع بشرط الفقر أما إن كان الوالدُ مكتفياً فلا تجبُ على الفرع نفقتُه، وهذا يشمَلُ الجد والجدة فى حق أولاد الأولاد مع عدم وجود الأولاد. وفى هذا يستوى الفرع إن كان ابنًا أو بنتًا، ابنَ ابنٍ أو ابنَ بنت أو بنتَ بنت أو بنتَ ابن كلُّهم يجب عليهم. يعنى أمر النفقة ليس كالإرث، ليس فقط الذي يرث يُنفق، لا. فإذا كان الوالدُ فقيراً وجبت نفقته على الولد المستطيع، سواءٌ كان انضم إلى الفقر الجنونُ أو الزَّمانةُ وهي العجز عن العمل، أو لم ينضم إلى ذلك، يعنى حتى لو كان الوالد الفقير قادراً على العمل والولد عنده زيادة عن كفايته يجب عليه الإنفاق على والده وليس له أن يَمْنَعَ والدَه النفقة بدعوى أنه قادر أن يعمل فيحصِّل النفقة، وأما ما خالف ذلك فهو قولٌ غيرُ معتمد. أما القول بأنه لا بد أن يكون الوالدُ فقيراً مجنونًا أو فقيرًا عاجزًا عن العمل حتى تجبَ نفقتُه فهذا قول غير معتمد، إنما المعتمد أنه يكفى الفقر.