(28) مَا مَعْنَى التَّبَرُّكِ وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ.
التَّبَرُّكُ هُوَ طَلَبُ زِيَادَةِ الْخَيْرِ مِنَ اللَّهِ. وَالتَّبَرُّكُ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ جَائِزٌ شَرْعًا وَجَوَازُ هَذَا الأَمْرِ يُعْرَفُ مِنْ فِعْلِ الأَنْبِيَاءِ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِى هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ فَقَدْ حَصَلَ الشِّفَاءُ لِسَيِّدِنَا يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإِلْقَاءِ قَمِيصِ ابْنِهِ يُوسَفَ عَلَى وَجْهِهِ. فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّبَرُّكَ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ جَائِزٌ شَرْعًا وَلَيْسَ كُفْرًا وَلا شِرْكًا كَمَا تَدَّعِى الْوَهَّابِيَّةُ الَّذِينَ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ سَلَفِيَّةً لِيُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّهُمْ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَلا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهُمْ شَاذُّونَ عَنِ الأُمَّةِ. فَهَؤُلاءِ كَفَّرُوا سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ قَمِيصَهُ إِلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ لِيَتَبَرَّكَ بِهِ وَكَفَّرُوا سَيِّدَنَا يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأَنَّهُ تَبَرَّكَ بِقَمِيصِ ابْنِهِ يُوسُفَ فَحَصَلَتْ لَهُ الْبَرَكَةُ وَالشِّفَاءُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ كَمَا أَنَّهُمْ كَفَّرُوا سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا ﷺ لِأَنَّهُ قَسَمَ شَعَرَهُ حِينَ حَلَقَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ وَكَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَتَبَرَّكُونَ بِشَعَرِهِ الْمُبَارَكِ فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلا زَالَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى ذَلِكَ.