الأحد ديسمبر 22, 2024

#27 – سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام

الحمد لله رب العباد والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير العباد وعلى آله وأصحابه إلى يوم الحشر والْمَعاد، سنكلمُكم اليوم على سيدنا يعقوب عليه السلام. هو يعقوبُ ابنُ نبيِ الله إسحاقَ ابنِ نبيِ الله إبراهيم، وأمُه “رِفقة” بنتُ ابنِ عمه، ويُسمى يعقوب “إسرائيل” الذي ينتسبُ إليه بنو إسرائيل، وقد مدحَهُ الله تعالى في القرءانِ الكريم ومدحَهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم فقال: “إنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريم يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيم” رواه البخاري. فهؤلاء الأنبياءُ الأربعةُ متناسلونَ عليهم الصلاة والسلام وهم يوسفُ ويعقوب وإسحاقُ وإبراهيم. قال أهلُ التواريخ إنّ يعقوبَ عليه الصلاة والسلام ولِد في “فِلسطين” أرضِ الكَنعانيين وشَبَّ في كنَفِ أبيه إسحاق، وقد أمرته أمه “رِفقة” أن يسافرَ إلى خالِه “لابان” الذي بأرضِ حرّان ليُقيمَ عندَه لأنها خافَت عليه من أخيه العيص الذي توعدَه وهددَه، فسافَر يعقوبُ عليه السلام إلى خالِه ووجدَ عندَه ابنتين: الكبرى اسمها “لَيّا” والصغرى “راحيل” وكانت أجملُهما، ويروي أهل التاريخ أنه جمعَ بين الأختين، وكانَ ذلك جائزًا في شريعتِهم ثم نُسخ في شريعة التوراة. وقيل وهبَ خالُه “لابان” لكلِ واحدةٍ من ابنتيه جارية ثم وهبت كلٌّ منهما جاريتَها ليعقوبَ عليه السلام فصارَ عندَه أربعُ نسوة اثنتانِ منهما زوجتان واثنتان ملكُ اليمين لا تُسميان زوجتين بل تُسميان سُرّيَتين، وقد وَلدنَ له أولادَه الاثني عشر، وكان من ذريتِهم الأسباط. أما “ليّا” فقد وَلدت له ستةَ أولاد وهم: روبيل وهو أكبرُهم وشمعون ولاوى ويهوذا وياسَخِر وزابْلون، وأما راحيلُ فقد وَلدت له ولدين وهما: نبيُ الله يوسف عليه السلام وشقيقُه بنيامين، وأما جارية راحيل فقد ولدت له ولدين وهما دان ونَفتالي، وأما جاريةُ ليّا فقد ولدت له ولدين أيضًا وهما: جاد وأشير، والله أعلم بصحة ذلك. دعا نبي الله يعقوبُ عليه السلام إلى دينِ الإسلام وإلى عبادةِ الله وحده وتركِ عبادةِ غيرِ الله، وقد ابتلى الله نبيَه يعقوب بالبلايا الكثيرة فصبرَ ونالَ الدرجاتِ العالية، ومن جملةِ البلاءِ الذي ابتُلي به عليه السلام أنّه فقد بصرَه حزنًا على ولدِه يوسف الذي مَكَرَ به إخوتُه العشَرة وهم من سوى بنيامين، ثم ردّ الله تعالى له بصرَه بعد أن جاءَ البشيرُ بقميصِ يوسف ووضعَه على وجهه فعاد بصيرًا بعد طولِ غيابٍ وشِدةِ حزنٍ وألم على فقد ابنه وحبيبه يوسف عليه السلام قال تعالى: {فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا}. وقد اجتمَع يعقوب بابنِه يوسف عليهما السلام في مِصرَ بعدَ طولِ غياب حيثُ مكث يوسف بعيدًا عن أبيه يعقوب ما يُقاربُ الأربعينَ سنة. تُوفي يعقوبُ عليه السلام وله من العمُرِ ما يزيدُ على المائة، وكان ذلك بعد سبعَ عشرة سنة من اجتماعه بيوسف، وقد أوصى نبيُّ الله يعقوب ابنَه يوسفَ عليه السلام أن يدفنَه مع أبيه إسحاق وجدِه إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ففعَل ذلك، وسارَ به إلى فلسطين ودفنَه في المغارةِ بحَبرون وهي مدينةُ الخليل في فلسطين. وجاءَ في القرءان الكريم أنّ سيدَنا يعقوبَ عليه السلام أوصى أولادَه وبنيه بما وصّى به إبراهيمُ عليه السلام من اتِّباعِ دينِ الإسلام والثباتِ عليه حتى الممات قال الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فلا تَمُوتُنَّ إَلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وفي هذه الآية الكريمة دليلٌ أنّ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ ويوسفَ كانوا على دين الإسلام وهو دينُ جميع الأنبياء من أولهم ءادم إلى آخرهم وأفضلهم محمد صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين. موضوع حلقتنا المقبلة بإذن الله عن سيدنا يوسف عليه السلام فتابعونا وإلى اللقاء.