(26) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْفَجْرِ ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾.
مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ جَاءَتْ قُدْرَتُهُ أَىْ ءَاثَارُ الْقُدْرَةِ مِنَ الأُمُورِ الْعِظَامِ الَّتِى تَظْهَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَجَرِّ الْمَلائِكَةِ لِجُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ جَهَنَّمَ إِلَى الْمَوْقِفِ حَتَّى يَرَاهُ الْكُفَّارُ فَيَفْزَعُوا وَشَهَادَةِ الأَيْدِى وَالأَرْجُلِ بِمَا كَسَبَهُ الْكُفَّارُ مَعَ الْخَتْمِ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَجِىءَ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ وَإِفْرَاغِ مَكَانٍ وَمَلْءِ ءَاخَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ وَمَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ يَكْفُرُ فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ وَكُلَّ مَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ أَىِ الْمَخْلُوقَاتِ فَلا يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَرَكَةِ وَلا بِالسُّكُونِ فَالْحَرَكَةُ هِىَ انْتِقَالُ الْحَجْمِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ وَالسُّكُونُ هُوَ ثُبُوتُ الْحَجْمِ فِى مَكَانٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ إِنَّمَا جَاءَتْ قُدْرَتُهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ فِى مَنَاقِبِ أَحْمَدَ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ. وأَمَّا مَجِىءُ الْمَلائِكَةِ فَهُوَ الْمَجِىءُ الْمَحْسُوسُ الَّذِى هُوَ حَرَكَةٌ وَانْتِقَالٌ.