26 الاحتفال بالمولد ليس فيه اتهام للرسول بالخيانة
الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ اتَّهامٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ بِالْخِيانَةِ بِدَعْوى أنَّهُ لَمْ يُعَرِّفْ أُمَّتَهُ بِهِ كَمَا زَعَمَ الْمانعُونَ لِلْمَوْلِدِ: فإِنْ كانَ كُلُّ فِعْلٍ أُحْدِثَ بَعْدَ الرَّسُولِ لَمْ يُعَرِّفِ النَّبِيُّ أُمَّتَهُ بِهِ مِمَّا هُوَ موافِقٌ لِلقُرءانِ والسُّنةِ يَكونُ فيه اتَّهامٌ لِلرَّسولِ بِالْخِيانَةِ فَعلى قَوْلِكُمْ أبو بَكرٍ وعُمَرُ وعُثْمانُ وَعَلِيٌّ وعُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ وصَفوةٌ مِنْ عُلَماءِ الأُمَّةِ اتَّهَمُوا الرَّسُولَ بِالْخِيانَةِ لأنَّهُم أَحْدَثُوا أشياءَ مُوافِقَةً للقُرءانِ والسُّنةِ مِمَّا لَمْ يُعَرِّفِ الرَّسولُ أُمَّتَهُ بِها.
أمَّا استِشهادُ المانعين للمولد بِما ينْسُبُونَهُ للإمامِ مالِكٍ مِنْ أنَّهُ قالَ: “مَنِ ابْتَدَعَ في الإسْلامِ بِدْعَةً يَراهَا حَسَنَةً فَقَد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا خانَ الرِّسالَةَ ” فَمَعْناهُ : “مَنِ ابْتَدَعَ في الإسْلامِ بِدْعَةً (أي مُحَرَّمَةً) يَراهَا (أي الذي ابْتَدَعَها يَراها) حَسَنَةً فَقَد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا خانَ الرِّسالَةَ (لأنَّ مُحَمّدًا جاءَ بِخِلافِها)” والمراد بالبدعة هنا البدعة المحرمة كَعقيدَةِ التَّشبيهِ والتَّجسيمِ ولَيْسَ في الْمَوْلِدِ وما أَشْبَهَ.
ثُمَّ هم يسْتَشْهِدُونَ بِقَوْلِ الإمامِ مالِكٍ وهم يكَفِّرونَهُ مَعْنًى وإنْ لَمْ يكَفِّروهُ لَفْظًا، لأنَّ الْخَليفةَ الْمَنْصورَ لَمَّا جاءَ الْمَدينةَ سَأَلَهُ: “يا أَبا عَبْدِ اللهِ أسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وأدْعو أم أسْتَقبِلُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ؟ قالَ: وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَكَ عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسيلَةُ أبيكَ ءادَمَ إلى اللهِ تعالى؟ بَلِ اسْتَقْبِلْهُ واسْتَشْفِع بِهِ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ”، وهَذا عِنْدَهم شِرْكٌ وضَلالٌ مُبينٌ. يرمون عُلَماءَ الأمَّةِ بالشِّركِ ثُمَّ يستشهدون بِأقْوالِهِم !؟. والْحادِثَةُ رَواها القاضي عِياضٌ في كِتابِهِ الشِّفا في بابِ تَعْظيمِ أَمْرِهِ وَوُجوبِ تَوْقيرِهِ وَبِرِّهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلّم.