الجمعة يوليو 18, 2025

26- بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ

  • حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ([1])، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ يَذْكُرُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا([2]) يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ»([3]).
  • حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ([4])، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ([5]) قَامَتِ([6]) الرَّحِمُ فَقَالَ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ([7]) مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ»، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢]([8]).
  • حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ([9])، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى([10])، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} الآيةَ [الإسراء: ٢٦]، قَالَ: بَدَأَ فَأَمَرَهُ بِأَوْجَبِ الْحُقُوقِ، وَدَلَّهُ عَلَى أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَقَالَ: {وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: ٢٦]، وَعَلَّمَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ كَيْفَ يَقُولُ، فَقَالَ: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: ٢٨] عِدَّةً حَسَنَةً([11]) كَأَنَّهُ قَدْ كَانَ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ولَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} [الإسراء: ٢٩] لَا تُعْطِي([12]) شَيْئًا، {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: ٢٩] تُعْطِي مَا عِنْدَكَ، {فَتَقْعُدَ مَلُومًا} [الإسراء: ٢٩] يَلُومُكَ مَنْ يَأْتِيكَ بَعْدُ، وَلَا يَجِدُ عِنْدَكَ شَيْئًا {مَحْسُورًا} [الإسراء: ٢٩]،

 

قَالَ: قَدْ حَسَّرَكَ([13]) مَنْ قَدْ([14]) أَعْطَيْتَهُ([15]).

([1]) قال في الفتح: بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء بعدها موحدة. اهـ.

([2]) وفي رواية ابن الجوزي في البر والصلة من طريق المصنف هنا: بما. اهـ.

([3]) أخرجه المصنف في صحيحه ومسلم كلاهما من طريق شعبة عن ابن عثمان وأبيه به نحوه وأخرجه مسلم من طريق عبد الله بن نمير عن ابن عثمان به نحوه.

([4]) قال النووي في شرح مسلم: هو بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء المشددة واسم أبي مزرد عبد الرحمٰن بن يسار. اهـ.

([5]) قال العيني في عمدة القاري: أَي: أتم خلقه وَهُوَ تَعَالَى لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن. اهـ.

([6]) قال في الفتح: قوله قامت الرحم يحتمل أن يكون على الحقيقة والأعراض يجوز أن تتجسد وتتكلم بإذن الله ويجوز أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل وأصلها وإثم قاطعها. اهـ.

([7]) قال النووي في شرح مسلم: وحقيقة الصلة العطف والرحمة فصلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ورحمته إياهم وعطفه بإحسانه ونعمه. اهـ.

([8]) أخرجه المصنف في صحيحه كما في الأدب سندًا ومتنًا وأخرجه كذلك من طريق خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال به نحوه ومن طريق حاتم بن إسماعيل وعبد الله بن المبارك عن معاوية به نحوه وأخرجه مسلم من طريق حاتم بن إسماعيل بن معاوية به نحوه. قلت: والاستشهاد بالآية ورد موقوفًا ومرفوعًا كما في الصحيح. اهـ.

([9]) سعيد بن المرزبان البقال.

([10]) قال المزي في تهذيبه: روى له البخاري في الأدب هذا الحديث. اهـ.

([11]) قال في تفسير الجلالين: {فَقُلْ لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا} لَيِّنًا سَهْلًا بِأَنْ تَعِدهُمْ بِالْإِعْطاءِ عِنْد مَجِيء الرِّزْق. اهـ.

([12]) وأما في (أ، ح، ط): لَا تُعْطِ، وفي (ل) سقطت. اهـ والمثبت من (ب، ج، د، و، ي، ك): لا تعطي. اهـ وهو الموافق لما في الدر المنثور عازيًا للأدب المفرد.

([13]) هكذا مضبوطة في (أ، ج) بتخفيف السين، بدليل {مَّحْسُورًا}، ولو شدد لا يمتنع في القياس. اهـ قال في مختار الصحاح: وَ(حَسَرَهُ) غَيْرُهُ وَ(اسْتَحْسَرَ) أَيْضًا أَعْيَا. قُلْتُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَآ: {مَلُومًا مَّحْسُورًا}. اهـ.

([14]) وفي شرح الحجوجي: من أعطيته. اهـ.

([15]) أخرجه المصنف في التاريخ الكبير عن الحميدي به وأخرجه الطبري في تفسيره من طريق عطية بن سعد العوفيّ عن ابن عباس نحوه وذكره السيوطي في الدر المنثور وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن المنذر.