السبت أكتوبر 19, 2024

(251) مَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ حُصُولِ الْمَعْصِيَةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا خِسَّةٌ وَلا دَنَاءَةٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ.

        اعْلَمْ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْمَعْصِيَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا خِسَّةٌ وَلا دَنَاءَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ طَه ﴿وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ أَىْ أَخْطَأَ بِأَكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِى نَهَاهُ اللَّهُ عَنِ الأَكْلِ مِنْهَا لَمَّا كَانَ فِى الْجَنَّةِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ وَلَيْسَ مَعْنَى غَوَى ضَلَّ لِأَنَّ غَوَى مِنَ الْغَوَايَةِ تَأْتِى أَحْيَانًا بِمَعْنَى الضَّلالَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِهَا ذَلِكَ. وَلَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةُ ءَادَمَ ذَنْبًا كَبِيرًا كَمَا تَدَّعِى النَّصَارَى لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ بِالأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِى جَسَدِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ طَه ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى﴾ فَأَكَلَ مِنْهَا فَوَقَعَ فِى مَعْصِيَةِ صَغِيرَةٍ لَيْسَ فِيهَا خِسَّةٌ وَلا دَنَاءَةٌ.