الأحد ديسمبر 22, 2024

#25 3-3 سيدنا لوط عليه الصلاة والسلام

ما إن سمِعَ قومُ لوطٍ خبر ضيوف لوط عليه السلام حتى أقبلوا مُسرعين يُهْرَعونَ إلى بيتِ نبيِ الله لوطٍ عليه السلام يريدونَ الاعتداءَ عليهم، فنصحهم سيدنا لوط ولكنّهم أصروا على غرضهم الخبيث، فازدادَ همُ سيدنا لوط وغمُه عليه السلام وتمنى أن لو كان له بهم قوة أو كان له مَنَعَةٌ أو عشيرةٌ في قومِه فينصُروهُ عليهم. ويقال إنّ لوطًا عليه السلام كانَ قد أغلقَ بابَه والملائكةُ معَه في الدار، وأخذَ يناظِرُ ويُجادِلُ قومَه من وراءِ البابِ وهم يعالجون الباب ليفتحوه، فلما رأتِ الملائكةُ ما يلقى نبيُ الله لوطٌ عليه السلام من كربٍ شديد أخبروه بحقيقتِهم وأنهم ليسوا بشرًا وإنما هم ملائكةٌ ورُسُلُ الله قدِموا وجاءوا لإهلاكِ هذه القريةِ بأمرٍ من الله لأنَّ أهلَها كانوا ظالمين بكفرِهم وفسادِهم، وأمروهُ أن يَخرُجَ من أرضِ قومِه مع أهلِه ليلًا قبل طُلوعِ الصُبح لأنّ موعدَ إهلاكِهم سيكونُ في وقتِ الصبح. ويُروى أنّ نبيَ الله لوطًا عليه الصلاة والسلام لما جعلَ يُمانعُ قومَه أن يدخلوا والبابُ مغلق، وهم يَرومون ويُريدون فتحه، استأذن جبريلُ عليه السلام ربَه في عقوبتِهم فأذن له، فخرج عليه السلام إليهم وضربَ وجوهَهم بطرفِ جَناحِه فطُمِسَت أعينُهم حتى قيل: إنها غارت بالكُلِّية ولم يبقَ لها محلٌ ولا عينٌ ولا أثر. فانصرفوا يتحسسونَ الحيطان ويتوعدونَ ويُهددونَ نبيَ الله لوطًا عليه السلام، عند ذلك قال نبيُ الله لوط للملائكة: متى موعدُ هلاكِهم؟ قالوا: الصُبح، فقال لهم: لو أهلكتموهم الآن، فقالوا له: أليس الصُبْحُ بقريب. ثم أمرَ الملائكةُ نبيَ الله لوطا أن يخرجَ من أرضِ قومِه معَ أهلِه ليلًا قبلَ طلوعِ الشمس، وأمروه بتركِ الالتفات لِئلا يرى عظيمَ ما سينزلُ بقومِه الكافرين من عذاب، وأنّ امرأتَه ستلتَفِت ويُصيبُها ما أصابَ قومَها، فقد ذُكِرَ أنها لما خرجت مع زوجها لوطٍ عليه السلام وسمعت صيحةَ العذابِ الذي نزل بقومِها التفتت وقالت: واقوماه، فأصابها حجرٌ فأهلكها مع الهالكين. وجاء قومَ لوطٍ من أمرِ الله ما لا يُردّ، ومن العذابِ الشديدِ ما لا يُصَد، فقد أدخلَ جبريلُ عليه السلام ريشةً واحدةً من أجنحتِه في قُراهم ومُدُنهم وكانت أربعةً أو خمسةً واقتلعَهُن من أصلِهن وقرارِهن بمن فيهن من قومِ لوطٍ الكافرين وكانوا كما قيل أربَعَمائةِ ألفِ شخص، وما معهم من البهائم، فرفع الجميعَ حتى بلغ بهنَّ عَنانَ السماءِ، ثم قلبها عليهم فجعل عالِيَها سافِلَها أي لم يَرُدَها كما كانت وإنما ردَّها مقلوبةً بمشيئةِ الله وقدرته سبحانه، من دون تعبٍ ولا مشقّة، وأرسلَ اللهُ عليهم صيحةً من السماءِ وأمطرَ عليهم حجارةً من سجّيل، يتبَعُ بعضُها بعضًا في نزولِها عليهم من السماء، مُعَلَّمَةً أي مكتوبًا على كلِّ حجرٍ اسمُ صاحبِه الذي يهبِطُ عليه ويقتُلُه، وما إن أشرقتِ الشمسُ حتى كانت القرى بمن فيها خرابًا ودمارًا. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم. موعدُنا مع سيرة سيدِنا شعيب عليه السلام في الحلقة القادمة من سلسلة قصص الأنبياء بإذن الله فتابعونا وإلى اللقاء.