الخميس أبريل 24, 2025

#25 صلاة الجمعة وصلاة الجماعة

الحمد لله وصلى الله وسلّم على سيدِنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد ليعلم أنّ الجماعةَ فى الصلواتِ الخمس فرضُ كفايةٍ، وفى صلاةِ الجُمُعَةِ هى فرضُ عين. وقد جعل الله عزّ وجلّ فى صلاةِ الجماعةِ ثوابًا عظيمًا، ويكفى فى ذلك حديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَلَّى العشاءَ فِى جماعةٍ كان كمَن قامَ نِصْفَ الليل ومَنْ صلَّى الصُبْحَ فى جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كله” رواه مسلم. وقولُه عليه الصلاة والسلام: “صلاةُ الجماعةِ تَعْدِلُ صلاةَ الفَذِّ بخمسٍ وعشرينَ درجة”. رواه البخارى. وإنما تكون الجماعةُ فرضَ كفايةٍ فى الصلوات الخمسِ على الذكورِ الأحرارِ المقيمينَ البالغينَ غيرِ المعذورين. وبقولنا الذكور أخرجنا الإناث فلا تُفترَضُ الجماعةُ فى حَقّـِهِنَّ. وبقولِنا الأحرارَ أَخرجنا العبيد فلا تُفْتَرَضُ فى حقهم. وبالمقيمينَ أَخْرَجْنَا المسافرين، فلا تُفترضُ الجماعةُ على المسافرِ. وبالبالغينَ أخرجنا الصغارَ غيرَ البالغين فلا تفترض فى حقهم، لكن على ولىِّ الصبىِّ المميزِ أنْ يأمرَهُ بالجمعة والجماعة -يعنى بعد سبع سنين إن ميّزَ . وبغير المعذورينَ أخرجنا المعذور بعذرٍ يُسْقِطُ عنه الجمعةَ أو الجماعة، كالخوفِ من العدوِ بذهابِه إلى موضعِ الجماعة، أو خوفِ ضياعِ مالِهِ بذهابِهِ إلى هناك أو نحوِ ذلك. وغيرُ العاقلِ لا تُفْتَرَضُ الجماعة فى حقه.

والجمعة فرضُ عينٍ على الذِين ذكرناهم (يعنِى الذكور الأحرار البالغين المقيمين غير المعذورين) إذا كانوا أربعينَ، فإن كانوا أقلَّ من ذلك لا تجبُ عليهم الجمعة، بل لا تصحُ منهم لو صَلَّوْهَا، وإنما يُصَلُّونَ الظهرَ فى هذه الحال. فإن اجتمعَ أربعونَ من هؤلاء وكانوا مستوطنينَ فى المكانِ الذى تقام فيه الجمعة أى مستوطنين فى خِطَّةِ أبنيةٍ لا فى الخيام فإنها عند ذلك تكون فرضَ عينٍ عليهم. أما أهلُ الخيامِ فلا تجبُ عليهِمُ الجمعةُ.

و مَنْ كان غيرَ مستوطنٍ فى بلدِ الجمعة لكن دَخَلَ البلدَ ونَوَى أنْ يمكُثَ فيها أربعةَ أيامٍ أو أكثر غيرَ يَوْمَىِ الدخولِ والخروجِ، يجبُ أَنْ يُصَلّـِىَ مع أهل البلد الجمعة. فإنه وإن كان حضُورُه لا يؤثر فى أمر انعقادها، لكن إذا انعقدت وجب عليه حضورها. وينتهى يوم الخروج بغروب الشمس ويوم الدخول بالفجر.

فلو دَخَل إنسانٌ بلدًا ما بعد فجر الاثنين يَستَمِرُّ يومُ الدخول إلى فَجْرِ الثلاثاء، ثم إذا نوى أن يمكثَ فى هذه البلد الثلاثاء والأربعاء والخميسَ والجمعة ثم يخرجَ السبت وجبَ عليه أن يصلّـِىَ معهم يومَ الجمعة. وهذا يَشْمَلُ فيما لو نوى أن يخرُجَ بعدَ غروبِ شمسِ الجمعة أى فى الليل. أما لو نوى أن يتركَ البلد فى خلال نهارِ الجمعةِ فهنا لا يجبُ عليه أن يصلى معهم الجمعة لأنه دخل الاثنين وهو ينوى الخروج قبل غروب شمس الجمعة فبقِىَ الثلاثاء والأربعاء والخميس وهى أقل من أربعة أيام كوامل فيكون له حكم المسافر بذلك.

ومن شروطِ صحةِ الجمعةِ، وقتُ الظهرِ. فلا يصحُ إقامةُ الجمعةِ قبلَ دخولِ وقتِ الظهرِ، ولا بعدَ خروجِ وقتِ الظهرِ، بل إذا فاتَتِ الجمعةُ تُقْضَى ظُهرًا ولا تُقْضَى جمعةً.

و يُشترَطُ أيضًا لصحةِ الجمعة أن تُخْطَبَ خُطْبَتَان قبلَ صلاةِ الجمعةِ. ولا بد أن تكون الخُطبتانِ فى وقتِ الظهرِ، وأن يَسْمَعَ الأربعونَ الخُطبتين، أى أن يسمعَ الخطبتين أربعون على الأقل من الذين تنعقدُ بهم الجمعة.

وليعلم أَنَّ صلاةَ الجمعةِ لا تصحُ أن تُصَلَّى فِى غيرِ جَمَاعة، فلو صلَّاها شخصٌ منفردًا لم تَصِحَّ.

و من شروطِ صحةِ الجمعة أن لا تُقارِنَ الجمعةَ جمعةٌ أخرى فى بلدٍ واحد، أى إن لم يكن عذرٌ لذلك كأن يَشُقَّ اجتماعُ المصلينَ فِى مكانٍ واحد. فإنْ شَقَّ ذلك صحت الجمعتانِ السابقةُ والمسبوقةُ. أما إن لَم يشُقَّ ذلك فأُقِيمَت جمُعتَانِ فى وقتٍ واحد فى بلدٍ واحد لم تَصِحَّ أىٌّ منهُمَا. أى إذا أتَى كُلٌّ مِنَ الإمامين بالرَّاء من تكبيرةِ الإحرام فى وقتٍ واحد، هنا كلتا الجمعتينِ غيرُ صحيحتين. وكذلك لو جُهِلَت أيتهما السابقةُ وأيتهما المسبوقة لا تصحُّ أىٌّ منهما. أما لو عُلِمَتِ السابقةُ والمسبوقةُ فالسابقةُ هى الصحيحةُ والمسبوقةُ فاسدةٌ. وقال قسمٌ من الشافعيةِ لا تقامُ جمعتانِ فى بلدٍ بأىِّ حالٍ مِنَ الأحوال (وهو ظاهر نص الشافعىّ)، فعندَهُم حتى لو شقَّ اجتماعُ الناس فى مكانٍ واحدٍ لا تقامُ إلا جمعةٌ واحدةٌ فقط، فإذا أقيمتْ أكثرُ من جمعة فالسابقةُ هى الصحيحة عندهم والمسبوقةُ فاسدة.

وأركانُ الخطبتينِ: حَمْدُ الله تعالى، والصلاةُ على النبىّ صلى الله عليه وسلم، والوصيةُ بالتقوى فيهِما، وءَايَةٌ مُفْهِمَةٌ فِى إِحْدَا…