السبت أكتوبر 19, 2024

(246) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

        قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الذَّارِيَّاتِ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون﴾ أَىْ خَلَقَهُمْ لِيَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ لِلْجَمِيعِ أَنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ. فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ وَقَدَّرَ لَهُمْ ءَاجَالًا فَطُوبَى لِمَنِ اسْتَعَدَّ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَزَوَّدَ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَخَيْرُ الزَّادِ التَّقْوَى قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ وَسَبِيلُ التَّقْوَى هُوَ الْعِلْمُ فَالذَّكِىُّ هُوَ الَّذِى يَأْخُذُ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى سُورَةِ الْقَصَصِ ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أَىْ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الزَّادِ لِلآخِرَة وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ. فَالذَّكِىُّ الْفَطِنُ هُوَ الَّذِى دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِى الآخِرَةِ.