(240) مَا حُكْمُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالصَّلاةِ أَوْ أَنْكَرَ وُجُوبَهَا.
اعْلَمْ أَنَّ الصَّلاةَ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ فَهِىَ نُورٌ وَبَرَكَةٌ وَرَحْمَةٌ وَخَيْرٌ مَنِ اسْتَخَفَّ بِهَا كَفَرَ كَأَنْ قَالَ لَيْسَ الشَّأْنُ بِالصَّلاةِ إِنَّمَا الشَّأْنُ فِى حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ أَوْ قَالَ مَا أَصَبْتُ خَيْرًا مُنْذُ صَلَّيْتُ لِأَنَّ التَّشَاؤُمَ مِنَ الصَّلاةِ يُعَدُّ اسْتِخْفَافًا بِهَا فَهَؤُلاءِ الَّذِينَ يَتَشَاءَمُونَ بِالصَّلاةِ يَعْتَقِدُونَ هَذِهِ الْعِبَادَةَ الْعَظِيمَةَ مَصْدَرًا لِلشُّؤْمِ وَالْخُسْرَانِ فَيَعْتَبِرُونَهَا ضَارَّةَ لَهُمْ وَكَذَا يَكْفُرُ إِنْ قَالَ أَكُونُ قَوَّادًا إِنْ صَلَّيْتُ لِأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِالصَّلاةِ وَاسْتَخَفَّ بِهَا وَالْقَوَّادُ هُوَ الَّذِى يَجْلِبُ الزَّبَائِنَ لِلزَّانِيَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ شَخْصٌ بِالصَّلاةِ فَقَالَ لا أُصَلِّى مُسْتَخِفًّا بِالصَّلاةِ أَوِ قَالَ الصَّلاةُ لا تَصْلُحُ لِى بِقَصْدِ الِاسْتِهْزَاءِ بِالصَّلاةِ كَفَرَ بِخِلافِ مَا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ امْرَأَةٌ حَائِضٌ بِقَصْدِ أَنَّ الصَّلاةَ لا تَصِحُّ مِنْهَا وَهِىَ حَائِضٌ فَلا تَكْفُرُ. وَمَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الصَّلاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِ كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ وَقَوْلَهُ ﷺ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ بِتَمَامِهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهَذَا بِخِلافِ مَنْ يَعْتَقِدُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لا يُصَلِّى فَإِنَّهُ لا يَكْفُرُ لَكِنْ عَلَيْهِ ذَنْبٌ كَبِيرٌ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْمَعْصِيَةِ الْكَبِيرَةِ لا يَكْفُرُ إِذَا لَمْ يَسْتَحِلَّهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ سَلامَةَ الطَّحَاوِىُّ فِى عَقِيدَتِهِ.