الخميس نوفمبر 21, 2024

(24) مَا هُوَ عِلاجُ الإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ.   

        رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِى تَارِيخِ دِمَشْقَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَّمَ النَّبِىَّ ﷺ أَنْ يُعَوِّذَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ لَمَّا أُصِيبَا بِالْعَيْنِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ ذَا السُّلْطَانِ الْعَظِيمِ وَالْمَنِّ الْقَدِيم ذَا الرَّحْمَةِ الْكَرِيم وَلِىَّ الْكَلِمَاتِ التَّامَّاتِ وَالدَّعَوَاتِ الْمُسْتَجَابَات عَافِ حَسَنًا وَحُسَيْنًا مِنْ أَنْفُسِ الْجِنِّ وَأَعْيُنِ الإِنْسِ. وَمَعْنَى الْمَنِّ الْقَدِيمِ الإِحْسَانُ الْقَدِيمُ لِأَنَّ إِحْسَانَ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ أَزَلِىٌّ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمَاتُرِيدِيَّةِ أَمَّا عِنْدَ الأَشَاعِرَةِ فَإِحْسَانُ اللَّهِ هُوَ أَثَرُ إِرَادَةِ الإِنْعَامِ. وَمَعْنَى ذَا الرَّحْمَةِ الْكَرِيم يَا رَبَّنَا الْمَوْصُوفَ بِالرَّحْمَةِ أَنْتَ كَرِيمٌ. وَوَلِىَّ الْكَلِمَاتِ التَّامَّاتِ أَىْ مُسْتَحِقَّهَا وَهِىَ أَلْفَاظُ الْقُرْءَانِ وَالأَذْكَارِ الَّتِى يُمَجَّدُ اللَّهُ بِهَا، وَالْكَلِمَاتُ التَّامَّاتُ هِىَ الْكَلِمَاتُ الَّتِى مَا فِيهَا نَقْصٌ، وَمِنْ أَنْفُسِ الْجِنِّ مَعْنَاهُ مِنَ الضَّرَرِ الَّذِى يُصِيبُ الإِنْسَانَ بِسَبَبِ الْجِنِّ، وَأَعْيُنِ الإِنْسِ أَىْ وَالضَّرَرِ الَّذِى يَلْحَقُ بِسَبَبِ أَعْيُنِ الإِنْسِ. وَهَذَا التَّعْوِيذُ الَّذِى عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ لِرَسُولِ اللَّهِ إِذَا حَصَّنَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ بِهِ يَنْفَعُهُ حَتَّى قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِالْعَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الإِصَابَةَ بِالْعَيْنِ لا تَحْصُلُ إِلَّا مِنْ نَظْرَةِ حَسَدٍ أَوْ عُجْبٍ أَمَّا النَّظْرَةُ الْبَرِيئَةُ فَلا يَحْصُلُ مِنْهَا الإِصَابَةُ بِالْعَيْنِ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ لا يُصِيبُونَ أَحَدًا بِالْعَيْنِ لِأَنَّ الإِصَابَةَ بِالْعَيْنِ تَصْحَبُهَا نَظْرَةُ الْحَسَدِ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ عَلَى الأَنْبِيَاءِ فَالأَنْبِيَاءُ لا يَجُوزُ فِى حَقِّهِمُ الْحَسَدُ فَيَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ قِصَّةٍ مَكْذُوبَةٍ وَرَدَتْ فِى كِتَابِ الأَذْكَارِ لِلنَّوَوِىِّ وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَإِعَانَةِ الطَّالِبِينَ وَحَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْكُبْرَى لِلدَّمِيرِىِّ وَهِىَ أَنَّ بَعْضَ الأَنْبِيَاءِ نَظَرَ إِلَى قَوْمِهِ يَوْمًا فَاسْتَكْثَرَهُمْ وَأَعْجَبُوهُ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِى سَاعَةٍ سَبْعُونَ أَلْفًا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّكَ عِنْتَهُمْ أَىْ أَصَبْتَهُمْ بِالْعَيْنِ، هَذَا الْكَلامُ الْخَبِيثُ كُفْرٌ وَضَلالٌ فِيهِ نِسْبَةُ مَا لا يَلِيقُ بِالأَنْبِيَاءِ إِلَيْهِمْ. وَكَثِيرٌ مِنَ الْكُتُبِ دُسَّ فِيهَا فَلْيُحْذَرْ.