#24 سيدنا محمد رسول الله ﷺ
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، اعلم رحمك الله أن نَبِيَّنَا محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يَرْجِعُ نَسَبُهُ إِلَى هَاشِمِ بنِ عبدِ مناف. فَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِىُّ-يَعْنِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ- القُرَشِىُّ-يَعْنِى مِنْ قَبِيلَةِ قُرَيْشٍ- فَهَاشِمٌ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَشْرَفُ قَبَائِلِ الْعَرَبِ. وَهُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَى كُلِّ الإِنْسِ وَالْجِنِّ، لَيْسَ إِلَى العَرَبِ فَقَطْ، ولا إِلَى العُجْمِ فَقَطْ، ولا إِلَى الإِنْسِ فَقَطْ، إِنَّمَا أَرْسَلَهُ رَبُّهُ إِلَى الإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا. ورَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وُلِدَ فِى مَكَّةَ فِى عَامِ الْفِيلِ، أَىْ فِي العَامِ الذِي غَزَا فِيْهِ أَبْرَهَةُ مَكَّةَ يُرِيدُ تَدْمِيرَ الْكَعْبَةِ هُوَ وَجُنْدُهُ وَمَعَهُمُ الأَفْيَالُ، فأَهْلَكَهُ اللهُ وَجَيْشَهُ. وبُعِثَ أي نزل عليه الوحيُ لَمَّا كَانَ فِى سِنِّ الأَرْبَعِينَ. فَنَزَلَ الْوَحْىُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ مَا نَزَلَ ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام يسكن مَكَّةَ، ثُمَّ مَكَثَ فِي مكة بَعْدَ الْوَحْىِ نَحْوَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ فِيهَا نَحْوَ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفّـِىَ فِيهَا عَنْ ثَلاَثٍ وَسِتّـِينَ سَنَةً ودُفِنَ فِيهَا. وَمَعْرِفَةُ نَسَبِ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وَمَعْرِفَةُ مَكَانِ وِلاَدَتِهِ وَمَكَانِ وَفَاتِهِ مِنَ الْمُهِمَّات. وَأَمَّا قَبِيلَةُ قُرَيْشٍ فَيَرْجِعُ نَسَبُهَا إِلَى إِسْمَاعِيلَ نَبِىِّ اللهِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ نَبِىِّ اللهِ. وسيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم هُوَ ءَاخِرُ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ولا يُبْعَثُ بَعْدَهُ نَبِىٌّ. فَسَيّـِدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلام وَإِنْ كَانَ يَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، فَإِنَّهُ بُعِثَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، ثُمَّ عيسى لَمَّا يَنْزِلُ يَحْكُمُ بِشَرْعِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ . أَمَّا ءَاخِرُ الأَنْبِيَاءِ بَعْثًا فَهُوَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَمَا قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّـِينَ}. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ بَعْدَ مُحَمَّدٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْقَادِيَانِيَّةِ، الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ غلام أَحْمَد نَبِىٌّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ. غُلام أَحْمَد رَجُلٌ كافرٌ عَاشَ مُنْذُ نَحْو مِائَةِ سَنَةٍ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمُ الآنَ الْقَادِيَانِيَّةُ نِسْبَةً لِبَلَدِهِ قَادِيَانَ. ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ هُوَ أَفْضَلُ أَنْبِيَاءِ اللهِ، وَيَلِيهِ بِالْفَضْلِ نَبِىُّ اللهِ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ مُوسَى، ثُمَّ عِيسَى، ثُمَّ نُوحٌ، صَلَوَاتُ رَبّـِى وَسَلامهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. و يجب اعتقادُ أَن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صَادِقٌ فِى جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عِنِ اللهِ. فَمِنْ ذَلِكَ أنه يجب على كل بالغ عاقل بلغه أصل دعوة الإسلام أي الشهادتان أن يدخل في دين الإسلام فورا إن لم يكن من المسلمين ويجب على كلِ مسلمٍ مكلفٍ أن يثبتَ في الإسلامِ على الدوام و أن يؤديَ جميعَ الواجباتِ ويجتنبَ جميعَ المحرمات. النبي صلى الله عليه وسلم لم يكفل للناس حرية الاعتقاد كما يزعم بعضُ الجهال إنما النبي صلى الله عليه وسلم جاء بما قال الله تعالى في القرءان: إن الدين عند الله الإسلام. وقال تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. وقال الله تعالى لا إله إلا أنا فاعبدون. وَالدُّخُولُ فِى الإِسْلامِ سَهْلٌ، يَكْفِى الاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ بِمَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ النُّطْقِ بِاللِسَانِ بِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ. يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَــْــهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَوْ مَا يُعْطِى مَعْنَى ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِلِسَانِهِ فَلا يَصِيرُ مُسْلِمًا. وكذلك من نطق الشهادتين بلسانه ولم يصدقْ بقلبه لا يصيرُ مسلمًا عندَ الله. المسلمُ يصدقُ بقلبِه يقينا وينطِقُ بلسانِه معترفًا أن لا معبودَ بحقٍ إلا الله أي لا أَحَدَ يَسْتَحِقُ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا اللهُ وهذا معنى لا إله إلا الله. لا إله إلا الله أي الَّذِى يَسْتَحِقُّ أن يُعبد أي أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةَ التَّذَلُلِّ والتعظيم إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى الْخَالِقُ وَحْدَهُ. وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ أي أقصى غاية التعظيم، فالمسلم لا يُعظمُ أحدًا كما يُعظمُ الله مع أنَ المسلمَ يُعظمُ الأنبياءَ والملائكةَ والأولياءَ لكن يعظمُهم إلى حدٍ يليقُ بهم ليسَ كتعظيمِ الله لأنَ تعظيمَ الله مُطلق، هو أقصى غاياتِ التذللِ والتعظيم وهذا لا يَستحقُهُ أحدٌ إلا الله سبحانَه وتعالى فمن صرفَه لغيرِ اللهِ صارَ مُشركًا والعياذُ بالله. ومن فهم معنى العبادةِ كما فسرَها علماءُ الدين وعلماءُ اللغةِ عَلِمَ أنَ التوسلَ والتبركَ بالأنبياءِ والأولياءِ ليسَ عبادةً لهم لأن تعريفَ العبادةِ لا يَنطبِقُ على التوسل والتبرّك. المسلمُ لما يقولُ أعبُدُ اللهَ الواحدَ يكونُ المعنى أعبدُ الله الَّذِى لا يُشَارِكُهُ أحدٌ فِى الأُلُوهِيَّةِ وليعلم أن الأحد إذا أُطلِقَ على اللهِ يكونُ بمعنى الواحد كما قالَ بعضُ العلماء. وَقَالَ عُلَمَاءُ ءَاخَرُونَ الأَحَدُ مَعْنَاهُ الَّذِى لاَ يَقْبَلُ الانْقِسَامَ والتجزؤ لأَنَّ الَّذِى يَقْبَلُ الانْقِسَامَ هُوَ الْجِسْمُ، والجسميةُ منفيةٌ عن الله، لأن الجسمَ ما له طولٌ وعرضٌ وسمكٌ وتركيب وهذا لا يكونُ إلا للمخلوق أما الله فهو الخالقُ الذي لا يُشبهُ المخلوق فربُنا سبحانَه لا طولَ ولا عرضَ ولا سمكَ ولا تركيبَ له، ليس جسمًا قصيرًا ولا طويلًا ولا سمينًا ولا نحيلًا ولا يجلسُ على العرشِ ولا يقومُ ولا يقعدُ ولا يسكنُ في السماء ولا يوصفُ بأي صفةٍ من صفاتِ الأجسام فهو موجودٌ بلا مكان، لا يحتاجُ إلى شيءٍ ولا يشبهُ شيئًا. مهما تصورتَ ببالك فالله لا يُشبه ذلك. هذه عقيدةُ التنزيهِ وهي عقيدةُ أهلِ السنة والجماعة. وتنزيهُ الله معناه نفيُ النقصِ عن الله. ومما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعلّمه للناس: أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ اللَّائقَةِ بِهِ سُبْحَانَهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا “اللَّائِقَةِ بِهِ” لأَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ مَا يَلِيقُ بِالْمَخْلُوقِ ولا يَلِيقُ بِالْخَالِقِ، وَذَلِكَ كَشِدَّةِ الذَّكَاءِ، وَقُوَّةِ العَقْلِ، وَقُوَّةِ البَدَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ صِفَاتٌ هِىَ فِى حَقِّ الْمَخْلُوقِ صِفَاتُ كَمَالٍ ولا يَلِيقُ أَنْ يُوصَفَ الْخَالِقُ بِهَا. فلذلك يا أحبابنا الكرام علماء أهل السنة لا يقولون الله موصوف بكل كمال ويسكتون، إنما يقيدون العبارة فيقولون الله موصوف بكل كمال يليق به. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ اللهَ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقّـِهِ، وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، كَالْجِسْمِ وَاللوْنِ وَالشَّكْلِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَسَائِرِ صِفَاتِ المخلوقات. لِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الإِسْلامِ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى مَوْجُودٌ بلا مَكَانٍ، لأَنَّ الْمَوْجُودَ فِى مَكَانٍ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَدٌّ، وَكُلُّ مَا لَهُ حَدٌّ أي حجمٌ مُحْتَاجٌ إِلى مَنْ خَصَّهُ بِذَلِكَ الحجم، وَكُلُّ مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ لا يَكُونُ إِلَــهًا، فَلِذَلِكَ اللهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْمَكَانِ وَعَنِ الْجِهَاتِ، فَلا نَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَوْجُودٌ فِى السَّمَاءِ ساكنٌ فيها، ولا نَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ساكنٌ فِى جِهَةِ فَوْق، وَلا نَقُولُ اللهُ تعالى ساكنٌ فِى كُلِّ مَكَانٍ، إِنَّمَا نَقُولُ اللهُ مَوْجُودٌ لا يُشْبِهُ الْمَوْجُودَاتِ، مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ}. مَعْنَاهُ لا شَىْءَ يُشْبِهُ اللهَ بِأَىِّ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. كَمَا قَالَ ذُو النُّونِ المِصْرِىُّ: مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فَاللهُ بِخِلافِ ذَلِكَ إهـ أي لا يُشبه ذلك. فَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنْ مُشَابَهَةِ كُلِّ مَا فِى الأَرْضِ وَكُلِّ مَا فِى السَّمَاءِ، كُلِّ الأَجْسَامِ اللطِيفَةِ أي التي لا تضبط باليد كالهواء وَكُلِّ الأَجْسَامِ الْكَثِيفَةِ أي التي تضبط باليد كالإنسان، اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ مُشَابَهَتِهَا بِأَىِّ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. واعلم رحمك الله أن هناك صفات مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِى الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ كَثِيرًا. الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَانَ يُكَلّـِمُ النَّاسَ عَنْهَا كَثِيرًا إِمَّا بِالنَّصِّ وَإِمَّا بِالْمَعْنَى. وَمِنْ هنا أَخَذَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ هَذِهِ الصّـِفَاتِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْرِفَهَا. وَهِىَ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً. وَالصّـِفَةُ الأُولَى مِنْ هَذِهِ الصّـِفَاتِ هِىَ الْوُجُودُ: أَىْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَوجُودٌ لا يُشْبِهُ الْمَوجُودَاتِ، مَوْجُودٌ بِغَيْرِ بِدَايَةٍ وَبِغَيْرِ نِهَايَةٍ وَبِغَيْرِ مَكَانٍ. الصّـِفَةُ الثَّانِيَةُ الْوَحْدَانِيَّةُ: أَىْ أَنَّ اللهَ لا شَرِيكَ لَهُ فِى الأُلُوهِيَّةِ، لا ذَاتُهُ يُشْبِهُ ذَوَاتِ الْخَلْقِ ولا صِفَاتُهُ تُشْبِهُ صِفَاتِ الْخَلْقِ ولا فِعْلُهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْخَلْقِ. الصّـِفَةُ الثَّالِثَةُ الْقِدَمُ: أَىْ أَنَّ اللهَ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ. الصّـِفَةُ الرَّابِعَةُ الْبَقَاءُ: أَىْ أَنَّ اللهَ لا يَطْرَأُ عَلَيْهِ فَنَاءٌ ولا عَدَمٌ. الصّـِفَةُ الْخَامِسَةُ الْقِيَامُ بِالنَّفْسِ: يَعْنَى أَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَغْنٍ عَنْ غَيْرِهِ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ كُلُّ مَنْ سِوَاهُ. الصّـِفَةُ السَّادِسَةُ الْقُدْرَةُ: أَىْ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ لا يُعْجِزُهُ شَىْءٌ. الصّـِفَةُ السَّابِعَةُ الإِرَادَةُ: فَكُلُّ مَا شَاءَ اللهُ وُجُودَهُ لا بُدَّ أَنْ يُوْجَدَ فِى الْوَقْتِ الَّذِى شَاءَ اللهُ وُجُودَهُ فِيهِ. وَكُلُّ مَا لَمْ يَشَأْ وُجُودَهُ لا يُوْجَدُ ولا يكون. الصّـِفَةُ الثَّامِنَةُ الْعِلْمُ: فَاللهُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ. الصّـِفَةُ التَّاسِعَةُ السَّمْعُ: أَىْ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَسْمَعُ كُلَّ الْمَسْمُوعَاتِ مِنْ غَيْرِ أُذُنٍ ولا ءَالَةٍ أُخْرَى، ومِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ مِنْهَا. الصّـِفَةُ العَاشِرَةُ البَصَرُ: أَىْ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَرَى كُلَّ الْمُبْصَرَاتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى ضَوْءٍ ولا حَدَقَةٍ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ مِنْهَا. الصّـِفَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ الْحَيَاةُ: وَهِىَ حَيَاةٌ لا تُشْبِهُ حَيَاتَنَا، حَيَاةٌ لَيْسَ لَهَا بِدَايَةٌ ولا نِهَايَةٌ. وَلَيْسَتْ هِىَ حَيَاةٌ بِرُوحٍ وَجَسَدٍ. الصّـِفَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْكَلامُ: وَهُوَ كَلامٌ لا يُشْبِهُ كَلامَنَا، لَيْسَ حَرْفًا ولا صَوْتًا ولا لُغَةً. الصّـِفَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ التَّنَزُّهُ عَنِ الْمُشَابَهَةِ لِلْحَادِثِ: أي أن اللهَ لا يشبه شيئًا من المخلوقاتِ بأي وجه من الوجوه. ومما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه عن الله تعالى عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ. أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أَنَّ الإِنْسَانَ بَعْدَمَا يُدْفَنُ تَرْجِعُ رُوحُهُ إِلَى جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا مُنْكَرٌ وَلِلآخَرِ نَكِيرٌ فَيَسْأَلانه عَنْ رَبِـّهِ وَنَبِيّـِهِ وَدِينِهِ. فَالْمُؤْمِنُ التَّقِىُّ لا يَخَافُ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَرْتَاعُ ارْتِيَاعًا شَدِيدًا. ثُمَّ النَّاسُ فِى الْقَبْرِ قِسْمَانِ، قِسْمٌ مُنَعَّمُونَ فِى قُبُورِهِمْ، قُبُورُهُمْ مُنَوَّرَةٌ مُوَسَّعَةٌ، وَقِسْمٌ مُعَذَّبُونَ فِى قُبُورِهِمْ. ثُمَّ هَؤُلاءِ الْمُعَذَّبُونَ قِسْمَانِ، الْكُفَّارُ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ فِى الْقَبْرِ حَتَّى إِذَا بَلِىَ الْجَسَدُ تَعَذَّبَتْ أَرْوَاحُهُمْ. وَالْقِسْمُ الثَّانِى هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْعُصَاةُ الَّذِينَ لَمْ يُسَامِحْهُمُ اللهُ، فَيُعَذَّبُونَ مُدَّةً فِى القَبْرِ، ثُمَّ لا يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. بَلْ إِذَا بَلِيَتْ أَجْسَادُهُمْ تَكُونُ أَرْوَاحُهُمْ مُعَلَّقَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَيُؤَخَّرُ لَهُمْ بَقِيَّةُ الْعَذَابِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ -أَىْ لِلَّذِينَ لَمْ يُسَامِحْهُمُ اللهُ مِنْهُمْ-. وَالإِيمَانُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ وَاجِبٌ، وَمَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ عَلَى الإِطْلاَقِ مع علمه أنه واردٌ في دين الله فَهُوَ كَافِرٌ. ومما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم و يَجِبُ الإِيمَانُ به أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُعِيدُ الأَجْسَادَ الَّتِى أَكَلَهَا التُّرَابُ، وَيُعِيدُ الأَرْوَاحَ إِلَيْهَا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ. ويجب اعتقاد أن الإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالْبَهَائِمَ بَعْدَمَا يُبْعَثُونَ يومَ القيامة يُحْشَرُونَ كُلُّهُمْ إِلَى مَوْقِفٍ وَاحِدٍ. وَيوم القيامة طُولُهُ كَخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ سِنِينِنَا هَذِهِ. أَوَّلُهُ مِنْ قِيَامِ النَّاسِ مِنَ الْقُبُورِ، وَءَاخِرُهُ بِاسْتِقْرَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ فِى النَّارِ. و كُلُّ إِنْسَانٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُهُ، فَمِنْ مَسْرُورٍ يَوْمَئِذٍ وَمِنْ مُسْتَاءٍ، كُلُّ إِنْسَانٍ يُعْطَى كِتَابَهُ الَّذِى فِيهِ مَا عَمِلَ. و أَعْمَالُ الْعِبَادِ تُوْزَنُ فِى الآخِرَةِ، الْحَسَنَاتُ فِى كَفَّةٍ وَالسَّيّـِئَاتُ فِى كَفَّةٍ. فَإِنْ رَجَحَتْ أي مالت كَفَّةُ الْحَسَنَاتِ فَالشَّخْصُ فَائِزٌ نَاجٍ، وَإِنْ رَجَحَتْ كَفَّةُ السَّيّـِئَاتِ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلا يَكُونُ لَهُ فِى كَفَّةِ الْحَسَنَاتِ شَىْءٌ ويدخل النار ويبقى فيها إلى ما لا نهاية له. فالنار هي مَكَانُ عَذَابِ الْكُفَّارِ وَقِسْمٍ مِنْ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ فِى الآخِرَةِ. وَهِىَ نَارٌ حِسّـِيَّةٌ، شَدِيدَةُ الْحَرَارَةِ، لا تَنْطَفِئُ وَلا تَنْتَهِى. يَمْكُثُ الْكُفَّارُ فِيهَا فِى الْعَذَابِ أَبَدًا، لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا يَنْقَطِعُ. أَمَّا عُصَاةُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا فَإِنَّهُمْ يُخْرَجُونَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ، لأَنَّ اللهَ مَا جَعَلَ عَذَابَ الْمُسْلِمِ وَ عَذَابَ الْكَافِرِ سَوَاءً. وليعلم أن هناك جسرٌ فوق جهنم يقال له الصراط، أَوَّلُهُ فِى الأَرْضِ الْمُبَدَّلَةِ وَءَاخِرُهُ قَبْلَ الْجَنَّةِ، يَرِدُهُ النَّاسُ. قِسْمٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ أَوَّلِهِ يَقَعُونَ فِى النَّارِ وَهُمُ الْكُفَّارُ، وَقِسْمٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَمْشُونَ عَلَى الصّـِرَاطِ ثُمَّ يَقَعُونَ فِى النَّارِ، وَالْبَاقُونَ نَاجُونَ. ثم بعد عبور الصراط وقبل دخول الجنة يشرب كل مؤمن من حوض نبيه وَكُلُّ نَبِىٍّ لَهُ حَوْضٌ تَشْرَبُ مِنْهُ أُمَّتُهُ. فَتَشْرَبُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ حَوْضِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ. وحوضُ النبي عليه الصلاة والسلام مَجْمَعُ مَاءٍ كَبِيرٌ، يَنْصَبُّ فِيهِ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ. والجنة يَجِبُ الإِيمَانُ بها، وَهِىَ مَوْجُودَةٌ الآنَ، فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَسَقْفُهَا الْعَرْشُ (وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا بِكَثِيرٍ). وَفِيهَا دَرَجَاتٌ. والمؤمنون وَهُمْ فِى الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِأَعْيُنِ رُءُوسِهِمْ. يُعْطِيهِمُ اللهُ فِى أَعْيُنِهِمْ قُوَّةً يَرَوْنَهُ بِهَا، لا كَمَا يَرَوْنَ الْمَخْلُوقَاتِ. يَرَوْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِى جِهَةٍ ومكان، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ مَسَافَةٌ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. اللهُ يَجْعَلُ فِى أَعْيُنِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُوَّةً يَرَوْنَ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَ بِهَا، فَيَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ السُّرُورِ بِذَلِكَ مَا لا يُوْصَفُ، وَهَذَا أَعْظَمُ نَعِيمٍ يَتَنَعَّمُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ. ومما جاء به صلى الله عليه وسلم ويجب الإيمان به الملائكة، أَىْ أَنَّهُمْ مَوْجُودُونَ. خَلَقَهُمُ اللهُ مِنْ نُورٍ وهم سكّان السماوات، وَلَيْسُوا ذُكُورًا ولا إِنَاثًا، ولا يَأْكُلُونَ وَلا يَشْرَبُونَ، وَلا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤمَرونَ. دينُهم الإسلام وكلُهم أولياء ولا يعلمُ عددَهم إلا اللهُ سبحانه وتعالى. و يَجِبُ الإِيمَانُ كذلك بِكُلِّ أَنْبِيَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ، أَوَّلُهُمْ سَيّـِدُنَا ءَادَمُ، وَكَانَ نَبِيًا رَسُولًا، وَءَاخِرُهُمْ سَيّـِدُنَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ. مِنْهُمْ مَنْ كَانَ نَبِيًا رَسُولًا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ نَبِيًا غَيْرَ رَسُولٍ. فَالنَّبِىُّ الرَّسُولُ هُوَ مَنْ أَوْحَى اللهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِ بِشَرْعٍ جَدِيدٍ فِيهِ اخْتِلاَفٌ عَنْ شَرْعِ الرَّسُولِ الَّذِى قَبْلَهُ، وَأَمَّا النَّبِىُّ غَيْرُ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ أُوْحِىَ إِلَيْهِ لَكِنْ بِاتّـِبَاعِ شَرْعِ الرَّسُولِ الَّذِى قَبْلَهُ، وَكُلٌّ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ. ويَجِبُ الإِيمَانُ بِكُلِّ كُتُبِ اللهِ الْمُنَزَّلَةِ، وَهِىَ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ، أَشْهَرُهَا التَّوْرَاةُ وَالزَّبُورُ وَالإِنْجِيلُ وَالْقُرْءَانُ. وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِالصّـِدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالْفَطَانَةِ، يعني أَنَّ كُلَّ نَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ صَادِقٌ لا يَكْذِبُ وَلَو كَذْبَةً وَاحِدَةً لا قَبْلَ النُّبُوَّةِ ولا بَعْدَهَا. وَكُلٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ أَمِينٌ لا يَخُونُ، لا قَبْلَ النُّبُوَّةِ ولا بَعْدَهَا. وَكُلٌّ مِنْهُمْ ذَكِىٌّ، قَادِرٌ عَلَى إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الْكُفَّارِ، بَلْ هُمْ أَذْكَى خَلْقِ اللهِ قَاطِبَةً. ولا يَأْتِى أحدٌ من الأنبياءِ الأَفْعَالَ الرَّذِيلَةَ كَتَتَبُّعِ النّـِسَاءِ فِى الطُّرُقَاتِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، ولا يَصْدُرُ مِنْهُ سَفَاهَةٌ، وَ هِىَ ضِدُّ الْحِكْمَةِ مِثْلُ أَنْ يَسُبَّ الشَّخْصُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فهَذَا يُقَالُ عَنْهُ سَفِيهٌ. وَيَسْتَحِيلُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللهِ بَلادةُ الذِّهْنِ أَىِ الْغَبَاءُ، كَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ أَيـَّةُ صِفَةٍ مُنَفّـِرَةٍ، إِنْ كَانَ فِى الْخِلْقَةِ-كَالأَمْرَاضِ الْمُنَفّـِرَةِ-أَو فِى الأَخْلاقِ. وَكَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْجُبْنُ، وَعَدَمُ التَّبْلِيغُ. و النبىُّ من الأنبياء لا يصدر منه كفر لا قبل النبوة ولا بعدها. لذلك ما يقولُه بعض الناس عن إبراهيم عليه السلام أنه مرّت عليه مدةٌ عبدَ فيها النجمَ ثم القمرَ ثم الشمسَ كَذِبٌ على إبراهيم وافتراء. والآيةُ التى يستندون إليها ليقولوا ذلك ليس معناها كما يَزْعُمُون، إنما قولُ إبراهيم عليه السلام: {هذا رَبّى} هو على وجه الإنكارِ على قَومِهِ وليس موافَقَةً لهم على ذلك، أَىْ كَأَنَّهُ يَقُولُ “أَهَذَا رَبّـِى كَمَا تَزْعُمُونَ؟! هَذَا لا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ إلهًا .” هذا فى لغة العرب يقال له استفهامٌ إنكارِىٌّ . كذلك يستحيلُ على الأنبياء الكبائرُ قبل النبوة وبعدَهَا . كذلك لا يجوزُ على الأنبياء صغائرُ الخِسَّة، مثلُ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ أو حَبَّةِ عِنَب، فهذه معصية صغيرة لكن تَدُل على خِسَّةٍ أى دناءةٍ فى نفس فاعلها، فالأنبياءُ معصومونَ من ذلك قبلَ النبوةِ وبعدَها. فَيُعْلَمْ مِمَّا تَقَدَّمَ أن معصيةَ سيدِنا ءادم لم تكن كبيرةً من الكبائر، إنما كانت معصيةً صغيرةً ليس فيها خسةٌ ولا دناءةٌ، كما قال الإمامُ الأشعرىُّ وغيرُه. والنبىَّ من الأنبياء إذا صدر منه معصيةٌ صغيرةٌ ليس فيها خسة يتوبُ منها فورًا قبل أن يقتدِىَ به الناسُ فى ذلك. فما يقولُه بعضُ الناس من أن سيدَنا يُوسفَ أراد أَن يَزْنِىَ بامرأةِ العزيز هو كلامٌ فاسدٌ، لأن هذا فعلٌ خَسِيسٌ لا يليقُ بنبِىٍّ من أنبياء الله تعالى، والآيةُ التِى يُسِىءُ بعضُ الناس تَفسيرَهَا لينسبوا إرادةَ الزنا إلى سيدنا يوسف معناها غيرُ ما يَزْعُمُون. قال الله تعالى: {ولقد هَمَّت به وهَمَّ بها لولا أن رأى برهانَ ربّـِه} فمعنى {ولقد هَمَّتْ به} أرادت الزنا، {وَهَمَّ بها لولا أن رأى برهانَ ربّـِه} أى لولا أن اللهَ تعالى عَصَمَهُ لكان هَمَّ بها، لكنَّ اللهَ عصمَه فلم يَهِمَّ أصلًا، أى لم يقعِ الهَمُّ أصلًا من سيدنا يوسف عليه السلام. ثم إذا كان الأنبياء معصومون من مجرد النظرِ بِشهْوَةٍ إلى الأجنبية فكيف إرادةُ الزنا والعزمُ عليه؟!!. مستحيل. نقف هنا الآن لنحدثكم في الحلقة القادمة إن شاء الله عما أخبر به صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بقطع الإسلام وتركِه وكيفية الرجوعِ إليه فتابعونا وإلى اللقاء.
الإشعارات