#24
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، إِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ الْعَارِفِينَ، سَيِّدِنَا وَقَائِدِنَا وَحَبِيبِنَا وَنُورِ أَبْصَارِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْأُمِّيِّ الْأَمِينِ، الْعَالِي الْقَدْرِ، الْعَظِيمِ الْجَاهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ. أَمَّا بَعْدُ، قَالَ الشَّيْخُ جِيلُ صَادِقُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَائِدَةٌ: بِالنِّسْبَةِ لِصِيَامِ النَّفْلِ، فَمِنَ الْمُؤَكَّدِ مِنْهُ صِيَامُ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ وَصِيَامُ السَّبْتِ وَالأَحَدِ وَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، الأَيَّامِ البِيضِ. وَسُمِّيَتْ بِالبِيضِ لِأَنَّ بَيَاضَ القَمَرِ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الشَّهْرِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الثَّلاثِ، الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرِّابِعَ عَشَرَ وَالخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ. هَذِهِ الأَيَّامُ الثَّلاثَةُ لَيَالِيهَا بِيضٌ، القَمَرُ أَعْظَمُ مَا يَكُونُ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الثَّلاثِ. كَذَلِكَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةٍ وَصِيَامُ عَاشُورَاءٍ مِنَ الصِّيَامِ الْمُؤَكَّدِ، عَاشُورَاءُ أَيْ عَاشِرُ الشَّهْرِ الْمُحَرَّمِ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا مِنَ الجِمَاعِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَا يُؤَثِّرُ ذَٰلِكَ عَلَى صِحَّةِ صِيَامِهِ. رَوَى مُسْلِمٌ وَالبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمَا قَالَتَا كَانَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ. قَوْلُهُمَا “مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ” مَعْنَاهُ جُنَابَتُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِلاَمٍ عِندَ النَّوْمِ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَحْصُلُ لِلنَّبِيِّينَ، إِنَّمَا كَانَتْ جُنَابَتُهُ مِنْ إِتَاءِهِ أَهْلَهُ، أَيِ جِمَاعِ زَوْجَاتِهِ.
تَنْبِيهٌ الْغِيبَةُ لا تُفَطِّرُ الصَّائِمَ. وَأَمَّا حَدِيثُ خَمْسٌ يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ الْقُبْلَةُ وَالْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ وَالْكَذِبُ فَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِالْوَضْعِ أَيْ هُوَ مَكْذُوبٌ.
وَمِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَحْفَظَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ مِنَ الْكَلامِ الْفَاحِشِ لِأَنَّ الْكَلامَ الْفَاحِشَ الَّذِي هُوَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ أَوِ الطَّعْنِ فِي الْمُسْلِمِ ظُلْمًا وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُذْهِبُ ثَوَابَ الصِّيَامِ فَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ مَهْمَا غَضِبَ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ، مَعْنَاهُ أَنَا صَائِمٌ فَلا أُقَابِلُكَ بِالشَّتْمِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ ﷺ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. أَيْ لا يُحِبُّ اللهُ هَذَا الصِّيَامَ أَيْ لَيْسَ لَهُ ثَوَابٌ.
وَيُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ، ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وَلا بُدَّ قَبْلَ الإِفْطَارِ مِنَ التَّحَقُّقِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلا يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَى أَذَانِ بَعْضِ الإِذَاعَاتِ فَقَطْ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَسَرُّعٌ فِي إِعْلانِ الأَذَانِ قَبْلَ وَقْتِهِ فِيهَا كَمَا حَصَلَ فِي الْمَاضِي.
وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ السَّحُورِ إِلَى ءَاخِرِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً اهـ وَوَقْتُ السُّحُورِ يَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ. السُّحُورُ بِضَمِّ السِّينِ هُوَ فِعْلُ الفَاعِلِ، وَالسَّحُورُ بِالْفَتْحِ هُوَ مَا يُؤْكَلُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.
وَيُسَنُّ لِمَنْ أَفْطَرَ عِنْدَ شَخْصٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلائِكَةُ. كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرُ تَصْفِيَةِ الرُّوحِ وَلَيْسَ شَهْرَ التَّنَعُّمِ كَمَا يَفْعَلُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَالَّذِي يَكُونُ هَمُّهُ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَاللِّبَاسَ لا يَكُونُ فِي الآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى.
وَيَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ تَرْكُ التَّعَلُّقِ بِالْمُسْتَلَذَّاتِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ، أَيْ أَنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْكَامِلِينَ يَتْرُكُونَ التَّنَعُّمَ الْجَائِزَ، فِي الْحَبَشَةِ بَعْضُ النَّاسِ يَقْضُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ بِأَكْلِ مَقْلُوِّ الذُّرَةِ مَعَ الْبُنِّ لِتَهْذِيبِ النَّفْسِ، الإِكْثَارُ مِنْ أَنْوَاعِ الأَطْعِمَةِ تَنَعُّمٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إِلَّا إِذَا كَانَ لِعُذْرٍ.
فَائِدَةٌ أُخْرَى مُهِمَّةٌ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرٌ شَبِيهٌ بِأَجْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ أَنَّ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ تَمَامًا مِنْ جَمِيعِ الوُجُوهِ، لِأَنَّ الَّذِي صَامَ رَمَضَانَ صَامَ الْفَرْضَ وَالَّذِي أَطْعَمَهُ عَمِلَ نَفْلًا. فَالْقَوْلُ بِأَنَّ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ تَمَامًا مِنْ جَمِيعِ الوُجُوهِ فِيهِ مُسَاوَاةُ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ، وَهَذَا بَاطِلٌ.
مَسْئَلَةٌ مُهِمَّةٌ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صِيَامٍ مِنْ رَمَضَانَ فَاتَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ بِلا عُذْرٍ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَوْرًا كَالصَّلاةِ لِمَنْ فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ فَيُسَنُّ لَهُ التَّعْجِيلُ بِالْقَضَاءِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ السُّنَّةَ كَسِتٍّ مِنْ شَوَالٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثُمَّ يَقْضِي فِيمَا بَعْدُ.
مَسْئَلَةٌ: إِذَا مَاتَ مُسْلِمٌ وَكَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ مِنْ رَمَضَانِ، كَانَ قَدْ فَاتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ فَاتَهُ بِعُذْرٍ وَتَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَقْضِهِ، فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ فَاتَهُ صَوْمُهُ مُدٌّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ البَلَدِ. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَرِيبُهُ صَحَّ أَوْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ صَحَّ ذَلِكَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ الوَارِثُ أَوْ غَيْرُ الوَارِثِ. وَيَصِحُّ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ الأَمْدَادِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ الإِطْعَامُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ الوَلِيُّ وَالصَّوْمُ أَوْلَى. النِّيَّةُ تَكُونُ “أَصُومُ عَنْ فُلَانٍ”. وَالْوَلِيُّ كَالأَبِّ وَالأُمِّ وَالِابْنِ.
اذْكُرْ بَعْضَ سُنَنِ الصِّيَامِ.
يُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَسَحَّرَ لِحَدِيثِ الْبُخَارِىِّ تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً. وَالسَّحُورُ مَا يُؤْكَلُ فِى السَّحَرِ. وَيُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُؤَخِّرَ السُّحُورَ وَيُعَجِّلَ الْفِطْرَ لِحَدِيثِ الْبُخَارِىِّ وَمُسْلِمٍ لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ. وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِىِّ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهُورٌ. وَيُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلِلصَّائِمِ دَعْوَةٌ إِذَا أَفْطَرَ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ثَلاثٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لِدَعْوَةً مَا تُرَدُّ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِى. وَيُسَنُّ لِمَنْ أَفْطَرَ عِنْدَ شَخْصٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلائِكَةُ.
تَكَلَّمْ عَنْ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
هِىَ لَيْلَةٌ فِى رَمَضَانَ عَظِيمَةُ الشَّأْنِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا لَهُ قَدْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ وَثَوَابُ الْعِبَادَةِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ فِى أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾. مَنْ يَسَّرَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِى وَقْتِ رُؤْيَتِهَا كَانَ ذَلِكَ عَلامَةً لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ. وَمَنْ حَصَلَ لَهُ رُؤْيَةُ شَىْءٍ مِنْ عَلامَاتِهَا يَقَظَةً فَقَدْ حَصَلَ لَهُ رُؤْيَةُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمِنْ عَلامَاتِهَا رُؤْيَةُ نُورٍ غَيْرِ نُورِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَهْرَبَاءِ يَمْلَأُ السَّمَاءَ وَيَدْخُلُ الْبُيُوتَ. وَمِنْ عَلامَاتِهَا رُؤْيَةُ الأَشْجَارِ سَاجِدَةً وَطُلُوعُ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا لَطِيفَةً بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا وَرُؤْيَةُ الْمَلائِكَةِ عَلَى أَشْكَالِهِمُ الأَصْلِيَّةِ ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ أَوْ سَمَاعُ أَصْوَاتِهِمْ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْمَعُونَ الْمَلائِكَةَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ. وَمَنْ رَءَاهَا فِى الْمَنَامِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى خَيْرٍ لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ رُؤْيَتِهَا يَقَظَةً. وَقَدْ تُصَادِفُ هَذِهِ اللَّيْلَةُ أَىَّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَكِنَّهَا فِى الْغَالِبِ تَكُونُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ. وَأَمَّا إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَيَكُونُ بِأَنْ يَقُومَ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْ مُعْظَمَهُ أَوْ نِصْفَ اللَّيْلِ، لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَيْقِظًا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَلَوْ بِقَلِيلٍ وَقِيَامُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَحْصُلُ بِالصَّلاةِ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.
مَا هِىَ التَّرَاوِيحُ.
التَّرَاوِيحُ هِىَ الصَّلاةُ الَّتِى تُصَلَّى فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهِىَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ يَنْوِى فِى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّرَاوِيحِ. وَيُسَنُّ أَنْ يُنَادَى الصَّلاةُ جَامِعَة لِأَنَّهَا نَفْلٌ تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَلا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلا يُقَامُ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُصَلِّى قِيَامَ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُصَلِّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ يَنْوِى فِى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قِيَامَ رَمَضَانَ وَيُوتِرُ بَعْدَهَا بِثَلاثٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ تَهَجُّدٌ يُصَلِّيهِ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ فَيَجْعَلُ الْوِتْرَ بَعْدَهُ. وَالتَّهَجُّدُ هُوَ أَنْ يُصَلِّىَ النَّفْلَ بَعْدَ نَوْمٍ وَالأَفْضَلُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يَنْوِى بِهِمَا قِيَامَ اللَّيْلِ.
مَا هِىَ الأَيَّامُ الَّتِى يُسَنُّ الصِّيَامُ فِيهَا.
يُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَعَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ وَقَالَ ﷺ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا. وَيُسَنُّ صَوْمُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ وَتَاسُوعَاءَ وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ فَقَدْ سُئِلَ النَّبِىُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَقَالَ ﷺ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ. وَيُسَنُّ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَهِىَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَعَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ وَقَالَ ﷺ لِأَبِى ذَرٍّ إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثًا فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ. وَيُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَيُكْرَهُ إِفْرَادُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِى النَّفْلِ بِلا سَبَبٍ لِقَوْلِهِ ﷺ لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ. أَمَّا إِذَا صَادَفَ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوِ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلا يُكْرَهُ إِفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.
تَكَلَّمْ عَنْ فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.
اعْلَمْ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيَامُ لَيْلِهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ لِحَدِيثِ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، خِلافًا لِلْوَهَّابِيَّةِ الَّذِينَ يُحَرِّمُونَ صِيَامَ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيَامَ لَيْلِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ كَلامِ شَيْخِهِمُ الضَّالِّ ابْنِ تَيْمِيَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى اقْتِضَاءَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ رُوِىَ فِى فَضْلِهَا مِنَ الأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ وَالآثَارِ مَا يَقْتَضِى أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُفَضَّلَةٌ وَأَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ كَانَ يَخُصُّهَا بِالصَّلاةِ فِيهَا، وَصَوْمُ شَهْرِ شَعْبَانَ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ انْتَهَى كَلامُ الْفِيْلَسُوفِ المجسّم ابْنِ تَيْمِيَةَ. وَمِنْ خَصَائِصِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ فِى كِتَابِهِ الأُمّ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ مَا اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ قِرَاءَتَهُ فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ وَهُوَ قَوْلُهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِى عِنْدَكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَىَّ فِى الرِّزْقِ فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِى وَحِرْمَانِى وَطَرْدِى وَإِقْتَارَ رِزْقِى إلخ، هذا لم يثبت. وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِى لا خِلافَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ بِدَعْوَةِ دَاعٍ فَمَا شَاءَ اللَّهُ فِى الأَزَلِ حُصُولَهُ لا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ. وَوَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فِى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِن رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَمَعْنَى يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ يَرْحَمُهُمْ فِيهَا بِرَحْمَةٍ خَاصَّةٍ فَيَغْفِرُ لِبَعْضِ عِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ ذُنُوبِهِمْ وَلِبَعْضٍ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ أَمَّا الْمُشَاحِنُ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ ءَاخَرَ عَدَاوَةٌ وَحِقْدٌ وَبَغْضَاءُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا فَلا يُغْفَرُ لَهُ فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ، فَلْيُصْلِحْ كُلٌّ مِنَّا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَلْيَعْفُ وَلْيَصْفَحْ لِلَّهِ تَعَالَى وَلْيُخْرِجْ مَا فِى قَلْبِهِ مِنْ غِلٍّ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ. اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
مَاذَا يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْمَلَ فِى يَوْمِ الْعِيدِ.
يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ لِيَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ وَيَبْدَأُ وَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ الْحَسَنَةَ النَّظِيفَةَ وَالأَحْسَنُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ الْقَمِيصَ الأَبْيَضَ وَأَنْ يَضَعَ عَلَى كَتِفَيْهِ رِدَاءً أَبْيَضَ لِقَوْلِهِ ﷺ عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ فَإِنَّهُ خَيْرُ الثِّيَابِ. وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لِبَاسُهُمَا سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ وَأَنْ لا يَتَشَبَّهَ أَحَدُهُمَا بِالآخَرِ فِى اللِّبَاسِ. وَاللِّبَاسُ الضَّيِّقُ فِى حَقِّ الْمَرْأَةِ مَكْرُوهٌ وَفِى حَقِّ الرَّجُلِ خِلافُ الأَوْلَى قَالَ الإِمَامُ الْحَافِظُ الْحَنَفِىُّ مُحَمَّدُ مُرْتَضَى الزَّبِيدِىُّ أَمَّا إِدْرَاكُ الْحَجْمِ فَلا يَضُرُّ لَكِنَّهُ لِلْمَرْأَةِ مَكْرُوهٌ وَلِلرَّجُلِ خِلافُ الأَوْلَى. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَبِسَ لِبَاسًا جَدِيدًا أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِى مَا أُوَارِى بِهِ عَوْرَتِى وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِى حَيَاتِى لِقَوْلِهِ ﷺ مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِى مَا أُوَارِى بِهِ عَوْرَتِى وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِى حَيَاتِى وَعَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِى أَخْلَقَهُ (أَىْ أَبْلاهُ) فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِى حِفْظِ اللَّهِ وَكَنَفِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْكَنَفُ السِّتْرُ. وَيُسْتَحَبُّ إِذَا لَبِسَ وَنَظَرَ فِى الْمِرْآةِ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِى فَحَسِّنْ خُلُقِى أَىْ كَمَا أَنَّكَ لَمْ تَجْعَلْ فِى خِلْقَتِى عَاهَةً فَجَمِّلْنِى بِالأَخْلاقِ الْحَسَنَةِ. وَيُسْتَحَبُّ التَّنَظُّفُ يَوْمَ الْعِيدِ بِنَتْفِ الإِبْطِ وَحَلْقِ شَعْرِ الْعَانَةِ وَقَلْمُ الظُّفْرِ وَقَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَالتَّطَيُّبُ ويَسْتَوِى فِى اسْتِحْبَابِ مَا ذُكِرَ الْقَاعِدُ فِى بَيْتِهِ وَالْخَارِجُ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلُ أَنْ يُبَكِّرَ لِصَلاةِ الْعِيدِ وَأَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ ويُسَنُّ الْخُرُوجُ مَشْيًا اتِّبَاعًا لِلنَّبِىِّ ﷺ يَغْدُو مِنْ طَرِيقٍ وَيَعُودُ مِنْ أُخْرَى. وَيُسَنُّ لِلْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِصَلاةِ الْعِيدِ أَنْ يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ بِعَدَد وِتْرٍ كَوَاحِدَةٍ أَوْ ثَلاثَةٍ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِىُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا. وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ يَوْمَ الْعِيدِ جَهْرًا وَالسُّنَّةُ فِى التَّكْبِيرِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاثًا وَيَزِيدَ عَقِبَهَا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ ونَصَرَ عَبْدَهُ وَأَعَزَّ جُنْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَقِىَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَقُولَ لَهُ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ. وَيَنْبَغِى اغْتِنَامُ يَوْمِ الْعِيدِ فِى صِلَةِ الرَّحِمِ وَمَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ الَّتِى تَقْطَعُهُ فَهُوَ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ الَّتِى تَصِلُهُ. وَيَنْبَغِى إِظْهَارُ الْفَرَحِ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْعِيدِ فَوَجَدَ عِنْدَهَا جَارِيَتَيْنِ تُغَنِّيَانِ فَلَمْ يُعْجِبْ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا.
تَكَلَّمْ عَنْ صَلاةِ عِيدِ الْفِطْرِ.
صَلاةُ الْعِيدِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهِىَ رَكْعَتَانِ يُكَبِّرُ نَدْبًا فِى الأُولَى بَعْدَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَيُكَبِّرُ فِى الثَّانِيَةِ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَقَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِى جَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى سُورَةَ ق وَفِى الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْقَمَرِ. وَيَخْطُبُ نَدْبًا بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلاةِ يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ. وَيُسَنُّ أَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً وَيُنَادَى لَهَا الصَّلاةُ جَامِعَةٌ وَلا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلا يُقَامُ. وَمَنْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَىْ سُنَّةِ الْفَجْرِ مُنْفَرِدًا بِدُونِ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ صَحَّتْ صَلاتُهُ. وَوَقْتُهَا مِنْ شُرُوقِ شَمْسِ يَوْمِ الْعِيدِ إِلَى مَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا عَنِ الشُّرُوقِ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ أَىْ بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ بَعْدَ الشُّرُوقِ. وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ قَبْلَهَا إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الإِمَامُ فِى الصَّلاةِ.
مَا هِىَ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ.
تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ هِىَ
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر وَلِلَّهِ الْحَمْد.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر وَلِلَّهِ الْحَمْد.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر وَلِلَّهِ الْحَمْد.
اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرا وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَه، صَدَقَ وَعْدَه، وَنَصَرَ عَبْدَه، وَأَعَزَّ جُنْدَه، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَه، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَلا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّد، وَعَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّد، وَعَلَى أَنْصَارِ مُحَمَّد، وَعَلَى أَزْوَاجِ مُحَمَّد، وَعَلَى ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلِوَالِدَىَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لِمُشَاهَدَةِ الدَّرْسِ: https://youtu.be/3qI1uCLENk8
لِلِاسْتِمَاعِ إِلَى الدَّرْسِ: https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/umdah-24