الجمعة أكتوبر 25, 2024

(239) مَا حُكْمُ مَنْ قَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ.

        اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَظَّمَ شَأْنَ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ وَرَوَى الْحَافِظُ التِّرْمِذِىُّ فِى جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَجُلانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِى عَلَى أَدْنَاكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ حَتَّى الْحِيتَانَ فِى الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْر. فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ مُرِيدًا الِاسْتِغْرَاقَ الشَّامِلَ أَىْ أَرَادَ تَعْمِيمَ اللَّعْنِ لِجَمِيعِ الْعُلَمَاءِ كَفَرَ وَلا يُنْظَرُ إِلَى قَصْدِهِ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى كَلامِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِى كَلامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ لَعْنَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ أَنَا قَصَدْتُ عُلَمَاءَ زَمَانِى فَالْقَصْدُ وَحْدَهُ لا يَدْفَعُ عَنْهُ التَّكْفِيرَ أَمَّا مَنْ لَمْ يُرِدِ الِاسْتِغْرَاقَ الشَّامِلَ لِجَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بَلْ أَرَادَ لَعْنَ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ أَوْ أَهْلِ نَاحِيَتِهِ لِأَنَّهُ لا يَعْلَمُ فِيهِمْ خَيْرًا وَكَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَظُنُّ بِهِمْ مِنْ فَسَادِ أَحْوَالِهِمْ أَىْ كَانَ فِى كَلامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا أَرَادَ لَعْنَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ كَأَنْ ذَكَرَ عُلَمَاءَ فَاسِدِينَ فَقَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ فَيُحْمَلُ كَلامُهُ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ لا يَكْفُرُ وَإِنْ كَانَ كَلامُهُ لا يَخْلُو مِنَ الْمَعْصِيَةِ.