(232) مَا حُكْمُ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ.
اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَزَلِىٌّ أَىْ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ حادِثٌ لَهُ بِدَايَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ أَىْ هُوَ وَحْدَهُ الأَوَّلُ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَقَوْلِهِ ﷺ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ أَىْ أَنَّ اللَّهَ أَزَلِىٌّ وَلا أَزَلِىَّ سِوَاهُ. وَحُكْمُ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ التَّكْفِيرُ قَطْعًا بِلا شَكٍّ لِأَنَّهُ نَسَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْعَدَمَ قَبْلَ الْوُجُودِ وَلا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِى الْحَوَادِثِ أَىِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهَذَا السُّؤَالُ سُؤَالُ الْمُحَالِ لِأَنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَزَلِيًّا لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَالِقٌ. أَمَّا مَنْ خَطَرَ لَهُ هَذَا السُّؤَالُ فِى بَالِهِ مِنْ دُونِ إِرَادَةٍ فَعِلاجُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنْ يَصْرِفَ فِكْرَهُ عَنْ هَذَا الْخَاطِرِ وَيَدْفَعَهُ بِالْمُعْتَقَدِ الصَّحِيحِ وَيَشْغَلَ فِكْرَهُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُفِيدُ وَلْيَقُلْ ءَامَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَوْ ءَامَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهُ عَنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا، خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ ءَامَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ.