(228) مَا هِىَ عَقِيدَةُ الْحُلُولِ وَالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ.
اعْلَمْ أَنَّ أَشَدَّ الْكُفْرِ عَلَى الإِطْلاقِ هُوَ نَفْىُ وُجُودِ اللَّهِ وَقَوْلُ أَهْلِ الْوَحْدَةِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَالَمُ وَإِنَّ أَفْرَادَ الْعَالَمِ أَجْزَاءٌ مِنْهُ تَعَالَى كَقَوْلِ جَمَاعَةِ سَحَر حَلَبِى فِى كِتَابِهِنَّ الْمُسَمَّى مَزَامِيرَ دَاوُدَ مَا الْكَوْنُ إِلَّا الْقَيُّومُ الْحَىّ وَقَوْلِ سَيِّد قُطُب فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى فِى ظِلالِ الْقُرْءَانِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ إِنَّهَا أَحَدِيَّةُ الْوُجُودِ فَلَيْسَ هُنَاكَ حَقِيقَةٌ إِلَّا حَقِيقَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ وُجُودٌ حَقِيقِىٌّ إِلَّا وُجُودَهُ وَكَلامُهُ هَذَا صَرِيحٌ بِالْحُلُولِ وَالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ يَعْنِى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَلَّ بِالأَشْيَاءِ وَاتَّحَدَ مَعَهَا فَصَارَ هُوَ عَيْنَ الأَشْيَاءِ. وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ هُنَاكَ حَقِيقَةٌ إِلَّا حَقِيقَتَهُ يَعْنِى أَنَّ الْعَالَمَ وَهْمٌ أَوْ مَعْدُومٌ أَوْ يَعْنِى أَنَّ الْعَالَمَ وَاللَّهَ شَىْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ فِى الْحَالَيْنِ تَكْذِيبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الَّذِى فِيهِ إِثْبَاتُ وُجُودِ اللَّهِ وَإِثْبَاتُ وُجُودِ الْعَالَمِ حَقِيقَةً. وَمِنْ أَشَدِّ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ قَوْلُ أَهْلِ الْحُلُولِ إِنَّ اللَّهَ يَحُلُّ فِى غَيْرِهِ كَالشَّعْرَاوِىِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْفَتَاوَى اللَّهُ مَوْجُودٌ فِينَا بِالْفِطْرَةِ وَنَشْعُرُ بِوُجُودِهِ وَكَالشَّاذِلِيَّةِ الْيَشْرُطِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّهَ يَدْخُلُ فِى كُلِّ شَخْصٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِى الدِّينِ بنُ عَرَبِى مَنْ قَالَ بِالْحُلُولِ فَدِينُهُ مَعْلُولٌ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِىِّ النَّابُلُسِىُّ فِى الْفَيْضِ الرَّبَّانِىِّ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ انْحَلَّ مِنْهُ شَىْءٌ أَو حَلَّ فِى شَىْءٍ فَقَدْ كَفَرَ. وَنَقَلَ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ فِى كِتَابِهِ الْحَاوِى لِلْفَتَاوَى إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِالْحُلُولِ أَوِ الِاتِّحَادِ وَقَالَ الْقَاضِى عِيَاضٌ فِى كِتَابِهِ الشِّفَا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كُفْرِ أَصْحَابِ الْحُلُولِ وَمَنِ ادَّعَى حُلُولَ الْبَارِئِ سُبْحَانَهُ فِى أَحَدِ الأَشْخَاصِ.