السبت أكتوبر 19, 2024

(226) مَاذَا يُقَالُ لِمَنْ يَقُولُ إِذَا كَانَ كُلُّ شَىْءٍ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ لِمَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ الْخَلْقَ وَيُدْخِلُهُمْ فَوْرًا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.

        لَوْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ وَلَمْ يَبْعَثِ الرُّسُلَ إِلَيْهِمْ وَأَدْخَلَ فَرِيقًا الْجَنَّةَ لِأَنَّهُ عَلِمَ بِعِلْمِهِ الأَزَلِىِّ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ وَأَدْخَلَ فَرِيقًا النَّارَ لِسَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ لَقَالُوا كَمَا وَرَدَ فِى الْقُرْءَانِ ﴿رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾ أَىْ لِمَ لَمْ تُرْسِلْ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَهُ فَأَرْسَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ أَىِ الأَنْبِيَاءَ مُبَشِّرِينَ مَنْ أَسْلَمَ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ وَمُنْذِرِينَ مَنْ كَفَرَ بِالْعَذَابِ الأَلِيمِ وَأَخْبَرَنَا أَنَّ قِسْمًا مِنْ خَلْقِهِ مَصِيرُهُمُ النَّارُ بِأَعْمَالِهِمُ الَّتِى يَعْمَلُونَ بِاخْتِيَارِهِمْ لا بِالإِكْرَاهِ وَالْجَبْرِ فَهُمْ لَيْسُوا كَالرِّيشَةِ الْمُعَلَّقَةِ فِى الْهَوَاءِ تَأْخُذُهَا الرِّيَاحُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً بِلا اخْتِيَارٍ مِنْهَا بَلِ الْعِبَادُ لَهُمُ اخْتِيَارٌ فِى أَفْعَالِهِمُ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا خَالِقِينَ لَهَا. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ النَّاسِ مُؤْمِنِينَ لَجَعَلَهُمْ مُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ السَّجْدَةِ ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ أَىْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَهْتَدِىَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ كُلُّهُمْ لَجَعَلَهُمْ مُهْتَدِينَ لَكِنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَهْتَدِىَ الْكُلُّ إِنَّمَا شَاءَ الْهِدَايَةَ لِقِسْمٍ وَشَاءَ الضَّلالَ لِقِسْمٍ وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَيَمْلَأُ جَهَنَّمَ مِنْ كُفَّارِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ.