(225) مَا هُوَ كُفْرُ الإِشْرَاكِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْكُفْرَ عَلَى نَوْعَيْنِ كُفْرٌ شِرْكٌ كَعِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ أَوِ الشَّيْطَانِ أَوِ النَّارِ وَكُفْرٌ غَيْرُ شِرْكٍ كَسَبِّ اللَّهِ أَوْ نَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ أَوْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَتِهِ أَوْ شَىْءٍ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلامِ. وَالشِّرْكُ الَّذِى هُوَ عِبَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ هُوَ الذَّنْبُ الَّذِى لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ أَىْ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِمَنْ أَشْرَكَ بِهِ وَعَبَدَ غَيْرَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ أَوْ وَصَلَ إِلَى حَالَةِ الْيَأْسِ مِنَ الْحَيَاةِ بِرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَمَلائِكَةِ الْعَذَابِ أَوْ إِدْرَاكِ الْغَرَقِ بِحَيْثُ أَيْقَنَ بِالْهَلاكِ إِنَّمَا الشِّرْكُ يُغْفَرُ بِالإِسْلامِ فِى الْوَقْتِ الَّذِى يَكُونُ مَقْبُولًا فِيهِ أَمَّا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِى يُقْبَلُ فِيهِ فَلا يَمْحُو إِسْلامُهُ كُفْرَهُ ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ أَىْ يَغْفِرُ اللَّهُ مَا دُونَ الْكُفْرِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَجَنِّبِينَ لِلْكُفْرِ بِنَوْعَيْهِ الإِشْرَاكِ بِاللَّهِ وَالْكُفْرِ الَّذِى لَيْسَ فِيهِ إِشْرَاكٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ لَيَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْحِجَابُ قَالُوا وَمَا وُقُوعُ الْحِجَابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَمُوتَ النَّفْسُ وَهِىَ مُشْرِكَةٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ. وَالشِّرْكُ حَدَثَ فِى الْبَشَرِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىِّ إِدْرِيسَ أَىْ بَعْدَ وَفَاةِ ءَادَمَ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى الْكُفْرِ زَمَانًا إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ سَيِّدَنَا نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَأَنْ لا يُشْرَكَ بِهِ شَىْءٌ.