22 أحكام الظهار
اليوم إن شاء الله نبدأ بالكلام على الظهار. والظهار من كبائر الذنوب، وصورتُه الأصلية أن يقولَ الرجل لزوجته أنتِ علىَّ كظهر أُمِّى. وشرعاً معناه تشبيه الزوج زوجتَه غيرَ البائن بأنثى من محارمه، هذا معنى الظهار شرعاً.
ويشترط فى المظاهِرِ أن يكون زوجاً يصح طلاقُه. ويشترط فى المظاهَر منها أن تكون زوجةً ولو رجعية. ويشترط فى المشبَّه به أن يكون أنثى أو جزءًا من أنثى مَحْرَم والمقصود يعنى العضو الظاهر منها، فيصح الظهار بقول أنت علىّ كظهر أمى، والظهر هنا جزء من أنثى مَحْرَم وهى الأم ومثلُه لو قال أنت علىّ كيد أمى أو رجلها. أما لو قال أنت علىّ كقلب أمى لم يكن ظهاراً لأن القلب من الأعضاء الباطنة. والمقصود بالْمَحْرم، الْمَحْرَمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة. ويشترط فى الصيغة لفظٌ يُشْعِرُ بالظهار صريحًا أو كناية. مثالُ الصريح كما قلنا أنتِ أو رأسُك أو يدُكِ علىّ كظهر أمى أو كيَدِها أو كرجْلِها. فإذا ظاهر الرجل امرأته ولم يُتبع الظهار بالطلاق فورًا يعنى مَرَّ وقت كان يسع أن يطلق فيه ولم يطلق، صار عائدًا، يعني صار الزوجُ يُعتَبَرُ عائدًا من زوجته مخالفًا لما كان قالَه وحينئذٍ تلزَمُه الكفارة. ثم تتعدد الكفارة على حسب تعدد مرات الظهار فإن ظاهَرَ من امرأتين فعليه كفارتان وإن ظاهَرَ مرتين من زوجةٍ واحدة فعليه كفارتان، أما إن كرر الظهار بقصد التأكيد فهو ظهار واحد. والكفارة على الترتيب وهى إعتاق رقبةٍ مؤمنةٍ سليمةٍ من العيوب التي تُضِرُّ بالعمل والكسب إضراراً ظاهرًا ليس خفيفًا. فيجزئ إعتاقُ ابنِ يومٍ إن كان سليمًا أما الزَّمِن والهرِم العاجز فلا. ولا يصح عِتق فاقد يد ولا رجل عن الكفارة. أما إن كان مقطوعَ الأنف فيصح لأن هذا لا يمنعُه من العمل وكذلك مقطوعُ الأذن والأعرج عرجًا يسيرًا يصح عتقُه وكذلك الأقرع الذي لا شعر فى رأسه. وإنما تلزَمُه الرقبة إذا مَلَكَها أو مَلَكَ ثَمَنَها فاضلاً عن كفاية نفسه وعياله الذين تلزَمُه مؤنتُهم شرعاً من حيث كلُ النفقة لبقية العمر الغالب وهو ستين سنة. وهذه المسئلة فيها بعد تفاصيل لكن لا ندخل فيها. فإن لم يجد المظاهِر الرقبة المذكورة يعنى لما أراد أن يدفع الكفارة عَجَزَ عنها، سقط عنه وجوبُ إعتاق الرقبة وانتقل إلى الأمر الذي بعدَه وهو صيامُ شهرين متتابعين، يعنى يصوم شهرين مع التتابع بحيث لو قطع صوم الشهرين بترك صيام ءاخر يوم فيهما لزمه الإعادة من الأول، لأنه لا بد أن يكون الشهران متتابعين، مثال ذلك إذا صام شهرًا ونصف ثم مَرِض فلم يعد يستطيع الصيام فلم يصم لزِمَه إعادةُ الشهرين من الأول. ويكونُ الشهران هلاليين فإن بدأ صومَهما مع ظهور الهلال في أول الشهر انتهى من الشهرين بانتهاء الشهر الثاني ولو كان كلٌّ منهما تسعةً وعشرين يوماً أما إن بدأ الصوم فى غير أولِ الشهر فإنه يصوم كلَّ الشهر التالي ويصوم مِنَ الذي يليه ما يُكَمِّلُ به عدد الأيام التي صامَها من الشهر الأول، ثلاثين. ويكون الصوم بنية الكفارة لو لم يعين أنها كفارة ظهار. ولا بد من تبييت النية فى الليل كما فى صوم رمضان. فإن لم يستطع المظاهِر الصوم إما لأنه يَعْجِز عن الصوم من أصله وإما لأنه يعجز عن تتابع الشهرين لكِبَر السن أو نحو ذلك انتقل عند ذلك إلى ما بعدَه وهو إطعامُ ستين مسكينًا. والمقصود من الإطعام تمليك هؤلاء الفقراء الطعام، لا أن يَطْبُخَه لهم فيأكلوه بالفعل، فلو أَطْعَمَ أقلَّ من الستين لم يجزئ، يعني لو أطعم نفس العشرين ثلاثةَ أيام لم يجزئ، لأنه لا بد أن يكونوا ستين مختلفين. ولا بد أن يكون الفقير حرًا، ممن تدفع إليه الزكاة يعنى إذا كان الفقير من بنى هاشم لم يصحَ دفعُ الكفارةِ إليه. ويُمَلِّكُ الستين فقيراً ستين مداً من غالب قوت البلد. فإذا عجز مَن يريدُ دفعَ الكفارة عن الخصال الثلاثة استقرت الكفارةُ فى ذمته إلى أن يقدِرَ بعد ذلك عليها أو على بعضها. ولا يحل للزوج المظاهِر أن يطأ زوجتَه التي ظاهَر منها حتى يُكَفِّر بالكفارة التي ذكرناها. أما غيرُ الوطء كالقُبلة فجائز قبل دفع الكفارة ولو بشهوة.