(217) ما حكم الاعتراض على الله والاعتراض على رسول الله ﷺ.
اعلم أن الاعتراض على الله معناه نسبة الظلم أو السفه أى عدم الحكمة إلى الله وهو كفر. أما الظلم فهو مستحيل على الله شرعا وعقلا لأن الظلم مخالفة أمر ونهى من له الأمر والنهى والله تعالى ليس له ءامر ولا ناه فهو متصرف فى ملكه كما يشاء لأنه المالك الحقيقى لكل شىء فلا يجوز عليه الظلم كما قال تعالى فى سورة فصلت ﴿وما ربك بظلام للعبيد﴾ وروى الإمام أحمد فى مسنده وابن حبان فى صحيحه عن ابن الديلمى أنه قال أتيت أبى بن كعب (وهو صاحب رسول الله ﷺ وأقرأ الصحابة) فقلت يا أبا المنذر إنه حدث فى نفسى شىء من هذا القدر (أى خطر لى خاطر خبيث يتعلق بالقدر) فحدثنى لعل الله ينفعنى (أى بكلامك) قال إن الله لو عذب أهل أرضه وسمواته (أى لو شاء الله فى الأزل أن يعذب كل عباده من إنس وجن وملائكة) لعذبهم وهو غير ظالم لهم. والله تعالى منزه عن السفه لأنه حكيم فى فعله خلق كل شىء بحكمة فلا يعترض عليه قال الله تعالى فى سورة النساء ﴿والله عليم حكيم﴾. فالسلامة فى التسليم لله أى الرضى بما جاء عن الله عز وجل والانقياد للشرع أى قبول ما جاء فيه من العقائد والأحكام فلا يصح الثبات على الإسلام إلا لمن سلم لله تعالى ولم يعترض عليه ولم يصفه بما لا يليق به. بعض الناس لما يعلمون بحكم الشرع أن للذكر مثل حظ الأنثيين من التركة يعترضون على حكم الله الذى أنزله فى القرءان ويقولون هذا ظلم، هؤلاء كفروا وإن لم يشعروا. وكذا يكفر من يعترض على رسول الله بأن علم أن الرسول قال قولا أو فعل فعلا ثم اعترض عليه كأن علم أن الرسول عقد على عائشة وعمرها ست سنوات وأدخلت عليه وهى بنت تسع سنين ثم سمع أن رجلا زوج ابنته الصغيرة لرجل كبير السن فقال عنه مجنون. وليعلم أن ما فعله الرسول لم يكن معيبا، لو كان عيبا لعابه به المشركون لكنهم لم يعيبوه به لأنه كان موجودا فى العرب ومعروفا بينهم. وكذا يكفر إن علم أن هذا شىء حسن عند المسلمين ثم قبحه أو اعترض عليه ولو لم يعلم أن الرسول فعل ذلك.