السبت أكتوبر 19, 2024

(217) اشْرَحْ مَعَانِىَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ.

        فَسَرَّ الشَّافِعِىُّ الْقَدَرَ فِى هَذِهِ الأَبْيَاتِ بِالْمَشِيئَةِ. يَقُولُ الشَّافِعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ أَىْ مَا شِئْتَ فِى الأَزَلِ وُجُودَهُ لا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ أَنَا وُجُودَهُ. وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ أَىْ إِنْ شِئْتُ أَنَا حُصُولَ شَىْءٍ إِنْ لَمْ تَشَأْ أَنْتَ حُصُولَهُ لا يَحْصُلُ. خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ أَىْ أَبْرَزْتَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ عَلَى حَسَبِ مَا سَبَقَ فِى عِلْمِكَ الأَزَلِىِّ. فَفِى الْعِلْمِ يَجْرِى الْفَتَى وَالْمُسِنّ أَىْ أَنَّ سَعْىَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِنْ كَانَ فَتًى أَوْ مُسِنًّا لا يَخْرُجُ عَنْ عِلْمِكَ. عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ أَىْ بَعْضُ الْخَلْقِ وَفَّقْتَهُ لِلإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالصَّلاحِ أَىْ جَعَلْتَهُ يَصْرِفُ قُدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ لِلْخَيْرِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ تُوَفِّقْهُ لِلْخَيْرِ إِنَّمَا جَعَلْتَهُ يَصْرِفُ قُدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ لِلشَّرِّ. وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ أَىْ بَعْضُهُمْ أَعَنْتَهُ عَلَى الْخَيْرِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ تُعِنْهُ عَلَى الْخَيْرِ. فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ وَهَذَا قَبِيحٌ وَهَذَا حَسَن أَىْ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ مِنْ أَهْلِ الْعَذَابِ الأَلِيمِ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ مِنْ أَهْلِ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ.