(21) تَكَلَّمْ عَنْ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَتِهِ.
اعْلَمْ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيَامُ لَيْلِهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ ﷺ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، خِلافًا لِلْوَهَّابِيَّةِ الَّذِينَ يُحَرِّمُونَ صِيَامَ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيَامَ لَيْلِهِ بِالطَّاعَةِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ كَلامِ شَيْخِهِمُ الضَّالِّ ابْنِ تَيْمِيَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى اقْتِضَاءَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ رُوِىَ فِى فَضْلِهَا مِنَ الأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ وَالآثَارِ مَا يَقْتَضِى أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُفَضَّلَةٌ وَأَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ كَانَ يَخُصُّهَا بِالصَّلاةِ فِيهَا، وَصَوْمُ شَهْرِ شَعْبَانَ قَدْ جَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ اهـ. وَمِنْ خَصَائِصِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ فِى كِتَابِهِ الأُمّ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ مَا اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ قِرَاءَتَهُ فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ وَهُوَ قَوْلُهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِى عِنْدَكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَىَّ فِى الرِّزْقِ فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِى وَحِرْمَانِى وَطَرْدِى وَإِقْتَارَ رِزْقِى إلخ. وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِى لا خِلافَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَشِيئَتُهُ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ بِدَعْوَةِ دَاعٍ فَمَا شَاءَ اللَّهُ فِى الأَزَلِ حُصُولَهُ لا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ. وَوَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فِى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِن رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ فِى الأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِىُّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَصِّصُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان بِهَذِهِ الْمَزِيَّةِ أَنَّهُ يَطَّلِعُ إِلَى خَلْقِهِ أَىْ يَرْحَمُهُمْ فِيهَا بِرَحْمَةٍ خَاصَّةٍ وَإِلَّا فَاللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى خَلْقِهِ لا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ فَيَغْفِرُ لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ ذُنُوبِهِمْ وَلِبَعْضٍ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلا يُغْفَرُ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ وَكَذَا الْمُشَاحِنُ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ ءَاخَرَ عَدَاوَةٌ وَحِقْدٌ وَبَغْضَاءُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا فَلْيُصْلِحْ كُلٌّ مِنَّا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَلْيَعْفُ وَلْيَصْفَحْ لِلَّهِ تَعَالَى وَلْيُخْرِجْ مَا فِى قَلْبِهِ مِنْ غِلٍّ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.