الخميس نوفمبر 21, 2024

20 أحكام الرجعة

هذا فصل جديد معقود لبيان أحكام الرَّجعة. والأصل أن إرجاعَ الزوجة فى أثناء العدة أمرٌ مباح. والرجعة شرعًا رد الزوجة إلى النكاح في عدة طلاق غير بائن على وجه مخصوص أي بقول مخصوص من غير تعليق، يعنى لا يقول أرجعت زوجتى إلى نكاحي إذا رضيَ فلان ولا حتى يقول لها أرجعتك إلى نكاحي إذا أنت شئتِ، لا، إنما يُرجِعُها من غير تعليق. أرجعتُ زوجتى إلى نكاحي أو يقول لها أرجعتك إلى نكاحي، من غير تعليق. ولا يصح تأقيتُها أيضاً، يعنى لا يصح أن يقول أرجعت زوجتى إلى نكاحي شهراً، هذا لا يصح. ولا تكون الرجعة بفعل من غير لفظ يعنى لو طلق زوجته ثم قَبَّلَها بعد ذلك فى خلال العدة أو نحوَ ذلك ونيته بهذا إرجاعُها لم يكن هذا رجعةً لأنه لا بد من اللفظ، أو لو جامعها بنية إرجاعها لا يكون رجوعًا. واللفظ غير الصريح يحتاج إلى النية ليكون إرجاعًا.

والذي ذكره أبو شجاع من شروط إرجاعِها أربعة: أن يكون الطلاقُ دون الثلاث وأن يكون بعد الدخول بها وأن لا يكون الطلاقُ بعِوَض أي أن لا يكون خلعًا، والشرط الرابع أن تكون قبل انقضاء العدة. فإذا طلَّق بالثلاث لا يستطيع أن يُرْجِعَها باللفظ وإذا طَلَّقَ قَبْلَ الدخولِ بها لم يستطع إرجاعَها بمجرد قول أرجعت زوجتى إلى نكاحي لأنها لا عدةَ لها عند ذلك. وإن أَرجَعَها بعد انقضاء العدة لم يكن لهذا أثر لأنها بانت بانقضاء العدة.

وإذا طَلَّقَ شخص حر زوجتَه طلقةً أو طلقتين جاز له أن يُرْجِعَها فى خلال العدة. وتحصل الرجعة بلفظٍ بالعربية وبغيرها ولو كان يُحسِنُ العربية، ومن هذه الألفاظ أرجعتُك إلى نكاحي ورددتك لنكاحي وأمسكتُك على نكاحي وما أشبه ذلك. فإن انقضت عدة الزوجة الرجعية سواء كان انقضاء العدة بالأقراء الثلاثة أو بالأشهر أو بوضع الحمل، جاز له أن يتزوَّجَها بنكاحٍ جديد وتكون الزوجة بعد العقد الجديد مع الزوج على ما بقى من الطلاق يعنى بهذا العقد الجديد لا يتجدد له ثلاثُ طلقات إنما يبقى له من الطلقات ما بقى له من الثلاث، فإن كان حراً وأوقَع طلقةً يكون بقى له اثنتان وإن أوقع طلقتين يكون بقى له واحدة لا غير. حتى لو تزوجت بعدَ أن مضت العدة ثم طلقها هذا الزوج ثم عادت لزوجها الأول ترجع إليه على ما بقى من الطلاق ليس بثلاثة جديدة. أما إذا استنفَد الزوج الطلقات التي له كأن طلقها الحر ثلاثاً، لم تَحِلَّ له بعد ذلك إلا بعد وجودِ خمسِ شرائط.

الأول: انقضاءُ عدتها منه إلا إذا كانت غيرَ مدخول بها لأنه لا عدة لها،

والثاني: أن تتزوج غيرَه زِواجاً صحيحاً، أما التزويج الفاسد فلا يُحِلُّها. مثال التزويج الفاسد أن يقولَ له الوليّ زوجتُك بنتي هذه بشرط أن تطلِقَها بعد الدخول بها أو نحوَ ذلك. وعلى هذا ورد حديث لَعن اللهُ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له اهـ هذا معناه إذا فى العقد شَرَطُوا ذلك أما لو قبل العقد اتفقوا على ذلك وفى العقد لم يَرِد هذا الشرط فالعقدُ صحيح، إذاً العبرة بوروده فى العقد، إذا ورد الشرط فى العقد فالعقد فاسد وإن لم يرد فى العقد فالعقدُ صحيح . والحديث صحيح رواه الترمذي وحسنه.

الشرط الثالث: أن يَدْخُلَ الزوجُ الثاني بها بأن يولِجَ حشفَتَه أو قدْرَها من مقطوعها فى فرجها سواء أَنْزَلَ المنيَ أو لم يُنْـزِل. فإن كانت بكراً اشتُرِطَ فَضُّ بكارَتِها. فإن كان ذَكَرُه لا يَنْتَشِر بالمرة ولو انتشارًا ضعيفًا فأدخله لم يجزئ فلا بد من الانتشار ولو كان ضعيفًا.

والشرط الرابع: أن تَبِيْنَ بعد ذلك من الزوج الجديد إما بطلاقٍ بالثلاث أو بأقل من الثلاث، أو بموت أو بغير ذلك.

والشرط الخامس: أن تنقضي عدتُها منه إن كانت عدة موت أو طلاق. والفائدة فى ذلك التأكد من براءة رَحِمِها لأنه إذا جامعها قد يسبِقُهُ المنيُّ ولا يَشْعُر. فإذا مضت العدة جاز أن ترجِعَ إلى الأول وإنما تَرْجِع بعقد جديد ويكون له عند ذلك ثلاثُ تطليقات جديدة.