تولي سيدنا أبي بكر الخلافة
الحمدُ للهِ الذي خَلَقَ الأَشْكالَ والألوانَ ولا شَكْلَ ولا لَوْنَ لَه، والذي خَلَقَ الجِهَةَ والْمكانَ ولا جِهَةَ ولا مَكانَ لَه، سُبحانَهُ الأعلى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، والأكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَظَمَةً وَعِزَةً وَعِزًّا، سُبْحانَهُ غَنِيٌّ عَنِ العالَمين وَلا يُشْبِهُ الْمَخْلوقين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتَمِ وَأَفْضَلِ الأنْبِياءِ وَالْمُرْسَلين، سَيِدِنا مُحَمَّدٍ الصّادِقِ الأَمين، الذي جاءَ بِدينِ الإسْلامِ كَسَائِرِ إِخْوَانِهِ النَّبِيّين. أما بعد بويع لأبي بكر الصدّيق بالخلافة يومَ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الحاديةَ عشرةَ من الهجرة في سقيفة بني ساعدة. ثم خرج المبايعون إلى المسجد النبويّ فبايعه الناس أجمعون. ثم بايعه عليّ والعبّاس رضي الله عنهما وأجمع الصحابةُ كلُّهم على خلافته. وأوّلُ أمرٍ بدأ به أبو بكر رضي الله عنه أن أمضى بعثَ أسامةَ بنِ زيدٍ وأمره بالمسير إلى جهة أراضي مؤتة حيث استُشهد أبوه زيدُ بنُ حارثة. بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عَظُمتِ المصيبةُ وكثُر النّفاق وارتدَّ بعضُ القبائل وامتنع البعض عن أداء الزكاة فأسرع أبو بكر رضي الله عنه لمداركة هذا الأمر العظيم فأمر بتجهيز الجيوش لقتال أهل الردة ولقتال من منع الزكاة وعقد أحَدَ عشرَ لواءً لقتال أهلِ الردة فتوجّهت الجيوش وقاتلوا المرتدين، وقُتل مسيلمةُ الكذّاب، وهرب طليحةُ بنُ خُويلد إلى أرض الشام وكان ادّعى النبوة ثم أسلم في زمن عمرَ بنِ الخطاب. واستُشهد من الصحابة نحوُ سَبعُمائة رجل أكثرُهم من القُرّاء، منهم زيدُ بنُ الخطاب أخو عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنهما، ومنهم البَراء بنُ مالك أخو أنسِ بنِ مالك وقُتل من بني حنيفةَ نحوُ سبعةَ عشرَ ألفًا. جمع أبو بكر الصديقُ القرءان وهو أوّلُ من سماهُ مصحفًا، وقبل ذلك لم يكن مجموعًا بل كان محفوظًا في صدور القرّاء من الصحابة ومكتوبًا في صحفٍ مطهّرةٍ متفرّقةٍ. ثم دخلت السنةُ الثانيةَ عشرةَ وفيها جهّز أبو بكر الجيوش للفتوحات فتوجه سيفُ الله خالدُ بن الوليد في جيش إلى العراق. وفي السنة الثالثةَ عشرةَ جعلَ أبا عبيدةَ ابنَ الجرّاح أميرًا على جيوش بلاد الشام. وبهذا نصل إلى نهاية حلقتنا هذه لنحدثكم في الحلقة القادمة من سلسلة مختصر سيرة الخلفاء الراشدين عن وقعة اليَرموك فتابعونا وإلى اللقاء.