الأحد ديسمبر 22, 2024

2 توبة سيدنا ءادم عليه السلام

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعن سائر الأولياء والصالحين. أما بعد ففي يوم عاشوراء تاب الله على ءادم عليه السلام:   سيدُنا ءادمُ عليه السلام هو أبو البشر وأولُ إنسان.  وكان خلقُه عليه السلام في الجنةِ ءاخرَ ساعةٍ من يومِ الجمعةِ من الأيامِ الستِ التي خلقَ الله فيها السمواتِ والأرضَ. أمرَ الله تعالى مَلكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواعِ ترابِ الأرضِ من أبيضِها وأسودِها وما بينَ ذلك، ومن طيّبها ورديئها وما بينَ ذلك فجاء منهمُ الأبيضُ والأحمرُ والأسودُ وبينَ ذلك، والسهلُ والحَزْنُ وبينَ ذلك، والخبيثُ والطيّبُ وبين ذلك يعني جاءت أحوالُ وألوانُ ذُريةِ ءادمَ عليه السلام مختلفةً بسببِ هذا الترابِ المختلفِ الذي خُلقَ منهُ ءادمُ عليه الصلاة والسلام. وكان ءادم جميلَ الشكل والصورة وحسنَ الصوتِ. فنظريةُ داروين التي تقول إنّ الإنسانَ أصلُه قردُ ثم ترقّى بسببِ العواملِ المجهولةِ حتى صارَ هذا الإنسان، هي نظريةٌ باطلةٌ. ثم خلقَ اللهُ سبحانه وتعالى سيدَتَنا حواءَ من ضِلَعِ ءادمَ الأيسرَ الأقصرَ، ولم يخلقِ اللهُ تبارك وتعالى حواءَ طِفلةً صغيرةً ثم طوّرَها إلى الكِبَرِ، بل خلَقها على هيئتِها التي عاشت عليها كبيرةً طويلةً مُناسبةً لطولِ ءادمَ عليه السلام، وقد زوَّج الله تعالى ءادمَ حواءَ وجعلَها له حلالًا في الجنة ثم كانا كذلك في الأرض. وقد أباحَ الله لآدم وحواء سُكنى الجنةِ والأكلَ من ثمارِها والشربَ من مياهها والتنعمَ بنعيمها من غيرِ مشقةٍ ولا تعبٍ يلحَقُهما في الحصولِ على ما يُريدان من طعامٍ وشراب، إلا شجرةً واحدة حرّمها عليهما ونهاهما عن الأكلِ منها، فأكلا منها ثم تابا. يقول  الله تعالى: ﴿ وَعَصَى ءادمُ ربَّهُ ﴾  وليعلم أن معصية ءادم عليه السلام كانت معصية صغيرة لا خسة ولا دناءة فيها، ليست كفراً وليست بِمرتبة الزنا وليست بِمرتبة شرب الخمر. وقد حصلت قبل أن تنزِلَ عليه النبوةُ والرسالةُ لأنّه إنما نُبئ بعد أن خرجَ من الجنة. وقال الله تعالى: ﴿ فَتَلقَّى ءادمُ من ربّهِ كلماتٍ فتابَ عَلَيْهِ إنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيم ﴾ ، ورُويَ عن مجاهدٍ قال: “الكلماتُ: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، ربِّ إني ظلمتُ نفسي فاغفر لي إنك خيرُ الراحمين، لا إله إلا أنتَ سبحانك وبحمدِك، ربِّ إني ظلمتُ نفسي فتُب عليَّ إنك أنت التوابُ الرحيم” وقد تاب الله على ءادم في يوم عاشوراء، وروى البيهقيُ بإسناده عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “لما اقترفَ ءادمُ الخطيئةَ قال: “يا ربّ أسألك بحقِ محمدٍ إلا ما غفرتَ لي، فقالَ الله: كيف عرفت محمدًا ولم أخلقْه بعد؟ فقال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك (أي بعنايتك) ونفخت فيَّ من روحِك (أي الروحِ المشرفةِ عندك)، رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائِمِ العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله، فعلمتُ أنك لم تُضِف إلى اسمِك إلا أحبَّ الخلقِ إليك”. واعلموا رحمكم الله أنه لا يقالُ طردَ اللهُ ءادمَ من الجنةِ لأنَّ هذا اللفظَ فيهِ تحقيرٌ لسيدِنا ءادم بل يقالُ أُهبِطَ من الجنة كما يُفيد نصُ القرءان. والله أعلم وأحكم نتوقف هنا الآن لنكلمكم في الحلقة القادمة من سلسلة عاشوراء في الإسلام عن نجاة سيدنا نوح ومن معه في السفينة من الطوفان وعن خروجه منها في العاشر من المحرّم فتابعونا وإلى اللقاء.