السبت أكتوبر 19, 2024

(193) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾.

        مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحَدِيدِ ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ الإِحَاطَةُ بِالْعِلْمِ لا بِالْجِهَةِ أَىْ عَالِمٌ بِكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَتَأْتِى الْمَعِيَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى النُّصْرَةِ وَالْكِلاءَةِ أَىِ الْحِفْظِ وَهِىَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ الأَتْقِيَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النَّحْلِ ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ أَىْ يَنْصُرُهُمْ وَيَحْفَظُهُمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ يَمْشِى وَيَنْتَقِلُ مَعَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَرَ الأَوْلِيَاءَ وَحَفِظَهُمْ مِنْ أَنْ يُغْرِقَهُمُ الشَّيْطَانُ فِى الْمَعَاصِى وَلَيْسَ الْمَعْنِىُّ بِالْمَعِيَّةِ الْحُلُولَ وَالِاتِّصَالَ وَيَكْفُرُ مَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ بِالْمَسَافَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ فَلا يُقَالُ إِنَّهُ تَعَالَى مُتَّصِلٌ بِالْعَالَمِ وَلا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ بِالْمَسَافَةِ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ وَالِانْفِصَالَ مِنْ صِفَاتِ الْجِسْمِ وَهُوَ حَادِثٌ أَىْ مَخْلُوقٌ.