(191) مَا حُكْمُ مَنْ يَأْتِى بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا حَصَلَ مِنْهُ كُفْرٌ فَإِنَّهُ يَخْسَرُ حَسَنَاتِهِ السَّابِقَةَ كُلَّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ وَلا تَرْجِعُ إِلَيْهِ حَسَنَاتُهُ الَّتِى خَسِرَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى الإِسْلامِ وَأَمَّا ذُنُوبُهُ الَّتِى عَمِلَهَا أَثْنَاءَ الرِّدَّةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ فَلا تُمْحَى عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إِلَى الإِسْلامِ إِنَّمَا الَّذِى يُغْفَرُ لَهُ بِذَلِكَ هُوَ الْكُفْرُ فَقَطْ وَأَمَّا الْكَافِرُ الأَصْلِىُّ أَىِ الَّذِى وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَبَلَغَ عَلَى الْكُفْرِ فَإِنَّ ذُنُوبَهُ تُمْحَى بِإِسْلامِهِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ الإِسْلامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، أَىْ يَمْحُو مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ الْكُفْرِ وَمَا سِوَاهُ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْفُرْقَانِ ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ أَىْ أَنَّ الْكَافِرَ الأَصْلِىَّ إِذَا أَسْلَمَ يُغْفَرُ لَهُ كُفْرُهُ وَمَعَاصِيهِ ثُمَّ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِذَا عَمِلَ حَسَنَاتٍ تُسَجَّلُ لَهُ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ الْجَدِيدَةُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُفْرَهُ وَمَعَاصِيَهُ تَنْقَلِبُ حَسَنَاتٍ كَمَا يَدَّعِى عَمْرُو خَالِد الدَّاعِيَةُ إِلَى الْكُفْرِ وَالإِلْحَادِ فَإِنَّهُ قَالَ فِى الْمُحَاضَرَةِ الْمُسَمَّاةِ التَّوْبَةَ إِنَّ الذَّنْبَ يُمْحَى وَيُكْتَبُ مَكَانَهُ حَسَنَةٌ حَتَّى إِنَّ الطَّائِعِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْسُدُونَ الْعُصَاةَ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ الَّتِى انْقَلَبَتْ حَسَنَاتٍ ثُمَّ قَالَ عَنِ الْعَاصِى الَّذِى تَابَ كُلُّ الصَّلَوَاتِ الَّتِى تَرَكَهَا انْقَلَبَتْ حَسَنَاتٍ وَالْمَالُ الْحَرَامُ الَّذِى أَكَلَهُ انْقَلَبَ حَسَنَاتٍ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.