الأحد ديسمبر 22, 2024

#19 ما يحرم على من انتقض وضوءه والجنب والحائض

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الأميّ الأمين وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين. أما بعد نتكلم الآن إن شاء الله تعالى عما يَحْرُمُ على الْمُحْدِثِ حدثًا أصغر أي على من انتقض وضوءه . مَنِ انتَقَضَ وضوءُه حَرُمَ عليه أَنْ يُصَلّـِىَ إلَّا بعد أَنْ يتوضأَ. وكذلك حَرُمَ عليه الطوافُ لأنّ الطوافَ مثلُ الصلاة لا يَصِحُّ فِعْلُهُ بغيرِ طهارة. فَمَنْ انتقَضَ وضوءُه لم يَجُزْ لهُ أن يطوفَ بالكعبة حتى يتوضأَ. مَنِ انتَقَضَ وضوءُه حَرُمَ عليه حَمْلُ المصحفِ، وَمَسُّهُ. يعني أنّ مَن انتقض وضوءُه لا يجوزُ له أن يحمِلَ المصحفَ ولو بحائل، ولا يجوز له أن يمسَّه، أى لا يجوز له مَسُّ الكلام ولا الحاشيةِ ولا الجلدِ الْمُتَّصِل به، إلا لضرورة.

أما الصَبِىُّ والصبيةُ اللَّذَيْنِ مَـيَّزَا إذا كانا يَدْرُسَانِ فى المصحف يجوز لنا أن نُمَكّـِنَهُمَا من حَمْلِ المصحَفِ ومَسّـِهِ إذا كانا يريدان ذلك لأجل الدراسة. فإذا كان الصبى يريد أن يأخذَهُ إلى عند الأستاذ الذى يُدَرّسُهُ أو إذا كان يَحْمِلُهُ ليدرس فيه وهو على غيرِ وضوء يُمَكَّنُ من ذلك، لأن الصبىَّ إذا شَرَطتَ عليه كلّما انتقض وضوءُه أن يجددَه لأجل الدراسة فى المصحف قد يتركُ الدراسةَ. فبسبب ذلك خُفّـِفَ فى أمرِهِ. ولا يجوزُ الطلبُ من الصبىّ الْمُمَيّـِز المحدثِ أن يحمِلَ المصحفَ ليأتِىَ به إلى والده أو سيده أو نحوِهما. وبها نكون انتهينا من الكلام عما يحرم على من انتقض وضوءه والآن نتكلم إن شاء الله عما يحرم على من أحدث حدثًا أكبرا أي على الجنب.

الجنب حرام عليه أن يُصلىَ وأن يطوفَ بالكعبة وأن يَمَسَّ القرءان أو يحملَهُ حتى يتطهر. وزيادةً على ذلك يحرمُ عليه أن يقرأَ القرءانَ بلسانه، وأن يَمْكُثَ فى المسجد، أو يَتَرَدَّدَ فيه، إلا أنه يجوزُ له أن يَمُرَّ فيه مُرورًا فيدخُلَ من باب ليخرُج من الآخر. وَيُخَصُّ مِنْ ذلك رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فإنه كان يجوز له الْمُكْثُ فى المسجد مع الجنابة.

و الحائض والنفساء يحرُمُ عليهما الأمورُ الخمسة التى تحرم على الجنب أى يحرم عليهما الصلاةُ والطوافُ وحملُ المصحفِ ومسُّه وقراءةُ القرءانِ والمكثُ فى المسجد. وزيادةً على ذلك يحرم عليهما أيضًا أمرانِ ءاخران، الأول هو أن تصومَا قبلَ أن ينقطعَ دَمُ الحيض أو النفاس فلو نَوَتا الصيام بعد انقطاعِ الدم وقبلَ الغُسل صَحَّ ذلك منهما. والثانى أن تُمَكّـِنَا الزوج مِنْ أنْ يستمْتِعَ منهما بما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ قبلَ الغسل ولو كان الدمُ انقطع، أى إذا كان ذلك من غير حائل. وأما إذا كان حائِلٌ فيحْرُمُ الجماعُ، ولا يحرم ما دون الجِمَاعِ. ومِثْلُ حُكْمِ الزوجةِ فى هذا الأمر حكمُ الأَمَةِ غيرِ المتزوجة بالنسبَةِ لِسَيدِهَا. وهناك قولٌ ءاخر فى مذهب الشافعىّ أنَّ الاستمتاعَ بما بين سُرةِ وركبةِ الزوجة الحائض من غير حائل لا يحرُم منه إلا الجماع. وفي الختام نسأل الله تعالى العفوَ والعافيةَ والمعافاةَ في الدين والدنيا والآخرة والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وأبدا.