19 عدد التطليقات
نشرع الآن فى فصل جديد متعلق بحكم طلاق الحر والعبد من حيث عددُ التطليقات. ويملِكُ الزوج الحر على زوجته حرةً كانت أو أمةً ثلاثَ تطليقات فالعبرة بالزوج ليس بالزوجة بعدد الطلاق. ويصح إيقاع طلاقِ الثلاثِ متفرقًا أو مجموعًا فى مجلس واحد أو فى مجالسَ متعددة. أما العبد فيملِكُ تطليقتين ولو كانت زوجته حرة. ويصح الاستثناء فى الطلاق إذا وصلَه به. يصح أن يَسْتَثْنِىَ فى الطلاق إذا وصل الاستثناءَ به، بحيث يُعَدُّ هذا كلُّه كلامًا واحدًا، مثلاً إذا قال الشخص زوجتى طالقٌ ثلاثًا إلا اثنتين، الاستثناء هنا صح فتَقَع طلقةٌ واحدة لكن لا يَجْعَل فاصلاً طويلاً بين المستثنَى والاستثناء، ويُشترط أن لا يساوِىَ المستثنَى المستثنَى منه ولا يَزيد عليه وإلا بطل الاستثناء، يعنى إذا قال شخص زوجتى طالقٌ ثلاثًا إلا ثلاثًا، الاستثناء هنا بلفظِ “إلا ثلاثًا” كأنه ما قاله لأنه لا يصح فى لغة العرب أن يكون المستثنى مساويًا للمستثنى منه ولا أكثر فإن قال زوجتى طالقٌ ثلاثاً إلا ثلاثاً وقعت الثلاث ومثلُ ذلك لو قال زوجتى طالقٌ ثلاثًا إلا أربعًا أو ثلاثًا إلا خمسة وهذا إجماع لأنه فى لغة العرب لا يصح الاستثناء إذا كان المستثنَى مساوياً للمستثنى منه. ويشترط فى الاستثناء أن يُسْمِعَ نفسَه على الأقل، ويشترط أن يكون ناويًا الاستثناء من الأول، يعنى إذا قال شخص لزوجته أنت طالق ثلاثًا وبعد أن أنهى كلمة ثلاثًا فكَّر فى الأمر فقال الآن تصير طالقًا بالثلاث فسأستثنى فقال إلا اثنتين أو إلا واحدة، هنا الاستثناء لا يفيدُه، وقعت الثلاث لأنه ما كان ناويًا للاستثناء قبلَ أن يُنهى العبارة. ويصح تعليقُ الطلاق بالصفة كأن يقول مثلاً إذا جاء رأسُ الشهر فأنت طالق أو يقول لها أنت طالق فى أول شهر كذا أو فى ءاخر شهر كذا، فإذا جاء أول الشهر طَلَقَت، و بالعبارة الثانية إذا جاء ءاخر الشهر طلَقت. ويصح تعليقُ الطلاق على الشرط بأن يستعمِلَ أداةً من أدوات الشرط كأن يقول مثلاً إن ذهبتِ إلى بيت أهلِكِ فأنت طالق ونحوَ ذلك أو كلَّما ذهبت إلى بيت أهلِك فأنت طالق فهذا أيضًا يصح. بالعربية أدوات الشرط تختلف معانيها، منها ما يقتضى الفور ومنها ما لا يقتضى الفور يعنى منها ما إذا استُعمل يكون المراد منه الآن إذا فعلتِ، ومنها ما إذا استُعمل لا يُشترط فيه الفورية معناه إذا فعلتِ الآن أو فيما بعد، ومنه ما يقتضى التكرار كلما حصل يحصل المعَلَّق عليه، يحصل جزاؤه، ومنه ما لا يقتضى ذلك فيراعى كلُّ ذلك فى ألفاظ الطلاق، مثال ذلك كلمة (إنْ) فهي لا تقتضى الفورية فإذا استعملَ لفظَ (إنْ) كأن قال لها إنْ ذهبت إلى بيت أهلك فأنت طالق، ولم تذهب فورًا فذهبت بعد شهر وقع الطلاق، لأن (إنْ) معناها الآن أو فيما بعد فهي لا تقتضى التكرار ، أما كلمة (كلما) تقتضى التكرار، إذا قال لها إن ذهبت إلى بيت أهلك فأنت طالق، ذهبت مرة وقع الطلاق ثم بعد ذلك ذهبت مرة ثانية لا تقع طلقة ثانية لأنها لا تقتضى التكرار أما كلمة (كلما) تقتضى التكرار فكلما ذهبت تقع طلقة فيُراعى ذلك، يُنظر فى معنى أداة الشرط وبناءً على ذلك يكون الحكم. فإن حلف بالطلاق على فعله هو، يعنى شخص قال لزوجته إن فعلتُ كذا فأنت طالق ثم فعلَه ناسيًا أو مكرَهًا فلا يقع الطلاق. ولو قال لزوجته إن فعلتِ كذا فأنت طالق ففعلت ناسيةً فالظاهرُ أن الزوجة يَهُمُّها هذا الأمر ويَشُقُّ عليها أن يطلقها زوجها لذلك لا يقع الطلاق كما لو نسى هو لا يقع الطلاق. ولا يقع الطلاق إلا على زوجة يعنى إذا كانت المرأة ليست زوجتَه فقال لها طلقتُك، كلا شىء هذا. فيعلم من هذا أن الطلاق لا يقع قبل العقد، قبل النكاح، فلو قال لامرأة إذا تزوجتُك فأنت طالق ثم تزوجَها لم يقع الطلاق
وأربعٌ لا يقعُ طلاقُهم لا تنجيزًا ولا تعليقًا. الأول هو الصبىّ وثانيهم المجنون ومثلُه المغمَى عليه والثالث هو النائم والرابع المكرَه إذا وُجِدَت شروطُ الإكراه. مثال الإكراه أن يقولَ له طلّق زوجتَك وإلاَّ قتلتُك الآن وهو قادر على إنفاذ ما قال ولا يستطيعُ الآخرُ تجنبَ ذلك. ويشترط حتى لا يقع الطلاق فى هذه الحال كما ذكرنا قبل، أن لا ينوِيَه وإلا لو أُكرِه فنوى الطلاق وقع الطلاق. كذلك يشترط أن لا يقع منه ما يدُلُّ على اختيار، مثلاً يقول له واحد طَلِّق زوجتَك طلقة أو أقتُلُكَ فيطلقها بالثلاث فهنا وقعت ثلاث لأنه لم يُكْرَه على الثلاث فهذا يدل على اختياره فيما فعل وكذلك بالعكس، لو أكرهه على طلاق الثلاث فطلَّق واحدة وقع طلاقًا واحدًا.