الجمعة يوليو 26, 2024

(188) تَكَلَّمْ عَنْ تَنْزِيهِ الأَنْبِيَاءِ عَنْ كُلِّ مَا يُنَفِّرُ عَنْ قَبُولِ الدَّعْوَةِ مِنْهُمْ.

        يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْ قَبُولِ الدَّعْوَةِ مِنْهُمْ كَالأَمْرَاضِ الْمُنَفِّرَةِ وَمِنْهَا الْجَرَبُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَخُرُوجُ الدُّودِ مِنَ الْجِسْمِ فَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الأَنْبِيَاءَ قُدْوَةً لِلنَّاسِ وَأَرْسَلَهُمْ لِلدَّعْوَةِ إِلَى دِينِ الإِسْلامِ فَلا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْمَرَضُ الَّذِى يُنَفِّرُ النَّاسَ مِنْهُمْ فَلَوْ كَانَتْ تُصِيبُهُمُ الأَمْرَاضُ الْمُنَفِّرَةُ لَنَفَرَ النَّاسُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ حَكِيمٌ لا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الأَمْرَاضَ أَمَّا الْمَرَضُ الْمُؤْلِمُ الشَّدِيدُ حَتَّى لَوْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ إِغْمَاءٌ فَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ عَنْ نَبِىِّ اللَّهِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّ الدُّودَ أَكَلَ جِسْمَهُ فَكَانَ الدُّودُ يَتَسَاقَطُ ثُمَّ يَأْخُذُ الدُّودَةَ وَيُعِيدُهَا إِلَى مَكَانِهَا مِنْ جِسْمِهِ وَيَقُولُ يَا مَخْلُوقَةَ رَبِّى كُلِى مِنْ رِزْقِكِ الَّذِى رَزَقَكِ فَهُوَ كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ وَفِيهِ نِسْبَةُ الْمَعْصِيَةِ الْكَبِيرَةِ إِلَى نَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لِأَنَّ الإِضْرَارَ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ فَأَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ الدُّودُ إِنَّمَا ابْتَلاهُ اللَّهُ بَلاءً شَدِيدًا اسْتَمَرَّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا وَفَقَدَ مَالَهُ وَأَوْلادَهُ ثُمَّ عَافَاهُ اللَّهُ وَأَغْنَاهُ وَرَزَقَهُ الْكَثِيرَ مِنَ الأَوْلادِ.