السبت سبتمبر 7, 2024

(184) تَكَلَّمْ عَنْ بَعْضِ مَا لا يَجُوزُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ.

        يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَفِظَ الأَنْبِيَاءَ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَالرَّذَالَةِ وَالسَّفَاهَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبَلادَةِ أَىِ الْغَبَاوَةِ وَحَفِظَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ أَىِ الذُّنُوبِ الصَّغِيرَةِ الَّتِى فِيهَا خِسَّةٌ وَدَنَاءَةُ نَفْسٍ كَسَرِقَةِ حَبَّةِ عِنَبٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا خِلافًا لِقَوْلِ حِزْبِ التَّحْرِيرِ بِجَوَازِ ذَلِكَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِمْ وَضَلالِهِمْ ما ذَكَرَهُ زَعِيمُهُمْ تَقِىُّ الدِّينِ النَّبَهَانِىُّ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى الشَّخْصِيَّةَ الإِسْلامِيَّةَ وَنَصُّ كَلامِهِ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْعِصْمَةَ لِلأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ أَنْ يُصْبِحَ نَبِيًّا أَوْ رَسُولًا بِالْوَحْىِ إِلَيْهِ أَمَّا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا يَجُوزُ عَلَى سَائِرِ الْبَشَرِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ هِىَ لِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. فَعَلَى قَوْلِهِ تَصِحُّ النُّبُوَّةُ لِمَنْ كَانَ لِصًّا سَرَّاقًا أَوْ لائِطًا. فَمَنْ كَانَتْ لَهُ سَوَابِقُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لا يَصْلُحُ لِلنُّبُوَّةِ وَلَوْ تَخَلَّى عَنْهَا فِيمَا بَعْدُ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَخْتَارُ لِهَذَا الْمَنْصِبِ إِلَّا مَنْ هُوَ سَالِمٌ مِنَ الرَّذَالَةِ وَالسَّفَاهَةِ وَالْخِيَانَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُرْسِلُ إِنْسَانًا مَطْعُونًا فِيهِ بِسَفَاهَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ رَذَالَةٍ أَوْ كَذِبٍ لِهِدَايَةِ عِبَادِهِ بَلْ يُرْسِلُ إِنْسَانًا نَشَأَ عَلَى الصِّدْقِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّزَاهَةِ فِى الْعِرْضِ وَالْخُلُقِ وَحُسْنِ مُعَامَلَةِ النَّاسِ.