الخميس نوفمبر 21, 2024

18 تتمة وقعة الجمل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين ورضي الله عن أمهاتِ المؤمنين وءالِ البيت الطاهرين وعن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ الصدّيق وعمرَ الفاروق وعثمانَ ذي النورين وعليٍ الْمُرتضى وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالكٍ والشافعيِ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحين. أما بعد روى البيهقي في كتاب الاعتقاد والهداية بإسناده المتصل إلى محمدِ بنِ إسحاق وهو ابنُ خزيمة قال: “وكلُّ مَن نازع أميرَ المؤمنين عليَّ بنَ أبي طالب في إمارته فهو باغٍ، على هذا عهِدتُ مشايخَنا وبه قال ابنُ إدريس –يعني الشافعي- رحمه الله” ا.هـ. وليُعلم أنّ طلحةَ والزبيرَ تابا ورجَعا عن قتال عليّ. فقد روى الحاكم في المستدرك، في كتاب معرفة الصحابة عن رِفاعة بن إيّاس الضَّبيّ عن أبيه عن جدّه قال: “كنا مع عليّ يوم الجمل فبعث إلى طلحةَ بنِ عبيد الله، فأتاه طلحةُ فقال: نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم يقول: “مَن كنتُ مولاه فعليّ مولاه اللهمّ والِ مَن والاهُ وعادِ من عاداهُ”، قال: نعم، قال: فلِمَ تقاتلني؟ قال: لم أذكر، قال: فانصرف طلحة”. ا.هـ. ثم قتله وهو منصرفٌ مروانُ بنُ الحكم، وكان في حزبه كما ذكر الحاكمُ وابنُ سعد في الطبقات الكبرى وغيرُهم. وروى الحديثَ الحافظُ ابنُ حجر في المطالب العالية. وذكر الباقلاني في كتاب تمهيد الأوائل: “أن طلحة قال لشابٍّ من عسكر عليّ وهو يجود بنفسه: “امدُد يدك أبايُعك لأمير المؤمنين” “ا.هـ. كما ذكر الحاكم في المستدرك عن مَجزأَة بن ثور قال: “مررتُ بطلحةَ بنِ عبيد الله يومَ الجمل وهو صريع في ءاخر رمق فوقفت عليه فرفع رأسه فقال: إني لأرى وجهَ رجلٍ كأنَّهُ القمر ممن أنت؟ فقلت: من أصحاب أمير المؤمنين عليّ فقال: ابسُط يدك أبايعك فبسطتُ يديّ وبايعني ففاضت نفسه فأتيتُ عليًّا فأخبرته بقول طلحة فقال: اللهُ أكبر، الله أكبر، صدق رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم، أبى الله أن يَدخل طلحةُ الجنة إلا وبيعتي في عنقه” ا.هـ. أما عن ندم الزبير رضي الله عنه، فقد روى الحاكم في المستدرك عن قيس بن أبي حازم قال: قال عليٌّ للزبير: “أما تذكر يوم كنتُ أنا وأنت في سقيفةِ قومٍ من الأنصار فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتحبُّهُ”؟ فقلتَ: ما يمنعني؟ قال: “أما إنك ستخرجُ عليه وتقاتلُه وأنت ظالم” قال: فرجَع الزبير”. ا.هـ. وذكر الحاكم في المستدرك أنه لما انصرف الزبيرُ يومَ الجمل قتله ابنُ جُرموز، فقال عليّ للآذن لما استأذن قاتلُ الزبير بالدخول عليه ومعه رأسُ الزبير: “بشّر قاتلَ ابنِ صفيةَ بالنار” ا.هـ. رواه ابن سعد في الطبقات بنحوه، وصححه الحافظ ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة. وليُعلم يا أحبابنا أنّ أهل السنة والجماعة أجمعوا على تصويبِ عليّ بن أبي طالب في حروبه بالبَصرة وبصفين وبالنهروان، فقد قال الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق، باب في بيان الأصول التي اجتمع عليها أهل السنّة ما نصه: “وقالوا –أي أهلُ السنة- بإمامة عليّ في وقته، وقالوا بتصويب عليّ في حروبه بالبصرة وبصفين وبنهروان، وقالوا بأنّ طلحةَ والزبيرَ تابا ورجَعا عن قتال عليّ، لكنَّ الزبيرَ قتله عمرو بنُ جُرموز بوادي السباع بعد مُنصرفه من الحرب، وطلحةُ لَمّا همّ بالانصراف رماه مروانُ بنُ الحكم وكان مع أصحاب الجمل بسهمٍ فقتله” ا.هـ، وذلك لأنّ طلحةَ والزبير رضي الله عنهما من الذين سبقت لهما الحسنى فلم يموتا إلا تائبين من مخالفة أمير المؤمنين بانضمامهما للمعسكر المضاد له. وهكذا نصِل ُإلى نهاية حلقتنا هذه لنكمل الكلامَ في الحلقةِ القادمةِ من سلسلةِ مختصر سيرة الخلفاء الراشدين عن وقعة صفين والنهروان فتابعونا وإلى اللقاء.