السبت سبتمبر 7, 2024

(179) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الصِّدْقِ لِلأَنْبِيَاءِ.

        يَجِبُ لِلأَنْبِيَاءِ الصِّدْقُ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ لِأَنَّ الْكَذِبَ نَقْصٌ لا يَلِيقُ بِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ مَعْرُوفًا بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالأَمِينِ لِمَا عُرِفَ بِهِ مِنَ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَلَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ كَذْبَةٌ قَطُّ. أَمَّا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ زَوْجَتِهِ سَارَةَ إِنَّهَا أُخْتِى وَهِىَ لَيْسَتْ أُخْتَهُ فِى النَّسَبِ فَكَانَ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ فِى الدِّينِ بِغَرَضِ صِيَانَتِهَا مِنْ أَذَى الْمَلِكِ الْجَبَّارِ الظَّالِمِ فَلَيْسَ هَذَا كَذِبًا مِنْ حَيْثُ الْبَاطِنُ وَالْحَقِيقَةُ إِنَّمَا هُوَ صِدْقٌ هُوَ قَصَدَ أَنَّهَا أُخْتُهُ فِى الدِّينِ فَلَيْسَ كَذِبًا أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ فَلا يَجُوزُ اعْتِقَادُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَذَبَ لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ مُنَزَّهُونَ عَنِ الْكَذِبِ. إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ عَنْ زوَجْتَهِ سَارَةَ إِنَّهَا أُخْتِى لَمَّا جَاءَ إِلَى أَرْضِ جَبَّارٍ مِنْ جَبَابِرَةِ الْكُفَّارِ فَكَانَ مِنْ عَادَةِ هَذَا الْمَلِكِ أَىُّ امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ تَدْخُلُ أَرْضَهُ تُحْمَلُ إِلَيْهِ لِيَزْنِىَ بِهَا وَسَارَةُ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ. هَذَا الْمَلِكُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أُخْتَ الرَّجُلِ يَتْرُكُهَا وَإِلَّا يَأْخُذُهَا. بَعْضُ سَمَاسِرَتِهِ قَالَ لَهُ الْيَوْمَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ إِلَى أَرْضِكَ فَقَالَ ايتُوا بِهَا فَلَمَّا رَءَاهَا مَا تَمَالَكَ نَفْسَهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَيَبِسَتْ يَدُهُ أَىْ مَا كَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَرِّكَهَا فَقَالَ لَهَا ادْعِى لِى فَدَعَتِ اللَّهَ فَصَحَّتْ يَدُهُ ثُمَّ لَمْ يَتَمَالَكْ نَفْسَهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا ثَانِيَةً فَيَبِسَتْ يَدُهُ فَقَطَعَ الأَمَلَ جَزَمَ أَنْ لا يُحَاوِلَ بَعْدَ هَذَا. قَالَ لَهَا ادْعِى لِى لا أَعُودُ إِلَيْكِ فَصَحَّتْ يَدُهُ.