الجمعة أكتوبر 18, 2024

(174) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى.

        صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ أَىْ لا بِدَايَةَ وَلا نِهَايَةَ لَهَا لِأَنَّ ذَاتَ اللَّهِ أَزَلِىٌّ فَلا تَحْصُلُ لَهُ صِفَةٌ لَمْ تَكُنْ فِى الأَزَلِ وَلا تَقْبَلُ صِفَاتُهُ التَّغَيُّرَ وَالتَّطَوُّرَ أَمَّا صِفَاتُ الْخَلْقِ فَهِىَ حَادِثَةٌ مَخْلُوقَةٌ تَقْبَلُ التَّطَوُّرَ مِنْ كَمَالٍ إِلَى أَكْمَلَ بِخِلافِ صِفَاتِ اللَّهِ فَإِنَّهَا كَامِلَةٌ لا تَزِيدُ وَلا تَنْقُصُ فَلا يَتَجَدَّدُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى شَىْءٌ أَىْ لا يَكْتَسِبُ عِلْمًا جَدِيدًا بَلْ هُوَ عَالِمٌ فِى الأَزَلِ بِكُلِّ شَىْءٍ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ مُحَمَّدٍ ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَوْفَ يَعْلَمُ الْمُجَاهِدِينَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِمْ بِالِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ بَلْ مَعْنَاهُ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَا شِئْنَا مِنَ الْبَلايَا حَتَّى نُظْهِرَ لِلْخَلْقِ مَنْ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَيَصْبِرُ عَلَى الْمَشَقَّاتِ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَ الْبُخَارِىُّ ذَلِكَ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ الْمُثَنَّى. أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ كَامِلَةٌ أَىْ تَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَعْرَافِ ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى أَسْمَائِهِ﴾ أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ الأَسْمَاءُ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ أَىْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ فِى حَقِّهِ تَعَالَى فَمَا كَانَ مِنَ الأَسْمَاءِ لا يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلَّهِ. وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ النَّحْلِ ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ أَىْ لِلَّهِ صِفَاتُ الْكَمَالِ الَّتِى لا تُشْبِهُ صِفَاتِ غَيْرِهِ.