السبت سبتمبر 7, 2024

(174) تَكَلَّمْ عَنِ الإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

        يَجِبُ الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَىْ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِى الْوُجُودِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ الأَزَلِىِّ أَىْ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَدَهُ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ الأَزَلِىِّ وَمَشِيئَتِهِ الأَزَلِيَّةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْقَدَرُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ صِفَةُ اللَّهِ أَىِ التَّقْدِيرُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَقْدُورُ أَىْ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ ﷺ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. ذُكِرَ الْقَدَرُ أَوَّلًا بِمَعْنَى تَقْدِيرِ اللَّهِ ثُمَّ أُعِيدَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى الْمَقْدُورِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ اللَّهِ حَسَنٌ لَيْسَ شَرًّا قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِى الْفِقْهِ الأَكْبَرِ وَالطَّاعَةُ كُلُّهَا مَا كَانَتْ وَاجِبَةً بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ وَبِرِضَائِهِ وَعِلْمِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَضَائِهِ وَتَقْدِيرِهِ وَالْمَعَاصِى كُلُّهَا بِعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَتَقْدِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ لا بِمَحَبَّتِهِ وَلا بِرِضَائِهِ وَلا بِأَمْرِهِ. فَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ شَىْءٍ يَحْصُلُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ أَىْ بِخَلْقِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بقَدَرٍ﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَخَالَفَ فِى ذَلِكَ مُحَمَّد رَاتِب النَّابُلْسِى فَقَالَ وَلَكِنْ هَذِهِ الأَعْمَالُ الَّتِى تَقْتَرِفُونَهَا لَيْسَتْ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ بَلْ هِىَ مِنِ اخْتِيَارِكُمْ أَنْتُمْ. وَكَلامُهُ هَذَا تَكْذِيبٌ لِلْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.