الجمعة يوليو 26, 2024

(170) مَا الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ عَلَى أَنَّ الإِسْلامَ هُوَ دِينُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ.

        اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ لِلدَّعْوَةِ إِلَى دِينِ الإِسْلامِ وَأَيَّدَهُ بِمُعْجِزَاتٍ عَظِيمَةٍ وَأَعْظَمُ مُعْجِزَاتِهِ ﷺ هِىَ مُعْجِزَةُ الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ فَهِىَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِأَنَّهُ تَحَدَّى الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ فِى زَمَنِ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلاغَةِ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ فَعَجَزُوا قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الإِسْرَاءِ ﴿قُلْ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ وَتَحَدَّاهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْهُ فَعَجَزُوا قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِى رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِّنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ مَعْنَاهُ إِذَا كُنْتُمْ لا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ وَلا مُنَاصِرُوكُمْ وَمُعَاوِنُوكُمْ بِالْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَكَيْفَ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ كَلامِكُمْ وَكَيْفَ يَلْحَقُكُمْ فِى ذَلِكَ ارْتِيَابٌ وَشَكٌّ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. أَمَّا الْمُعْجِزَةُ فَهِىَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ صَالِحٌ لِلتَّحَدِّى لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ لِلنَّبِىِّ أَنْ يَأْتِىَ بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَهُوَ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى صَدَقَ عَبْدِى فِى كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّى أَىْ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ صَدَقَ عَبْدِى مُحَمَّدٌ فِى كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّى. أَمَّا كَيْفَ وَصَلَ إِلَيْنَا خَبَرُ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ فَبِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ وَمَعْنَى التَّوَاتُرِ انْتِقَالُ الْخَبَرِ بِوَاسِطَةِ عَدَدٍ كَبِيرٍ يَنْقُلُ عَنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ شَهِدَ الْمُعْجِزَةَ وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَصِلَ الْخَبَرُ إِلَيْنَا بِحَيْثُ لا يُمْكِنُ إِتِّفَاقُهُمْ جَمِيعًا عَلَى الْكَذِبِ فِى هَذَا الْخَبَرِ. وَهَذَا النَّبِىُّ الْمُرْسَلُ الَّذِى أَيَّدَهُ اللَّهُ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالْوَحْىِ الْقُرْءَانِىِّ ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ أَىَّ أَنَّ الدِّينَ الَّذِى رَضِيَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ هُوَ الإِسْلامُ وَنَزَلَ عَلَيْهِ بِالْوَحْىِ الْقُرْءَانِىِّ ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ دِينًا غَيْرَ دِينِ الإِسْلامِ فَلا يُعْقَلُ أَنْ يُرْسِلَ إِنْسَانًا يَدْعُو إِلَى دِينٍ غَيْرِ مَقْبُولٍ عِنْدَهُ فَمَنْ أَرَادَ السَّلامَةَ وَالنَّجَاةَ فِى الآخِرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ دِينَ الإِسْلامِ فَهُوَ سَبَبٌ لِلسَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ.